روضة من رياض الجنة وروى الطبري في تاريخه أن النبي (ص) قال إذا غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري انتهى وقال الناصب خفضه الله تعالى قد سبق أن البيت كانت لعايشة بتمليك رسول الله (ص) إياها وأما نسبة رسول الله (ص) البيت إلى نفسه الشريفة فلأن البيت وهو مسكنه ومضجعه وعايشة زوجته ومن يفارق بين المرء والزوجة ولكل منهما نسبت البيت إلى نفسهما وليس بين المرء والزوجة في البيت والمسكن افتراق واستقلال ولكل واحد منهما أن يقول بيتي وأما قولهم أن عايشة لم يكن لها بيت ولا دار بالمدينة فالمراد غير هذه الدار التي ملكها رسول الله (ص) ثم نقول لو لم يكن البيت لها لكان ينبغي أن ينتزع عنها أمير المؤمنين في أيام خلافته سيما بعد ما قاتلها وغلب عليها وإلا لكان مقصرا في حق بيت المال إن كان صدقة أو في حق أولاده أن كان ميراثا ولكان ينبغي أن ينبش أبا بكر وعمر لأنهما دفنا في الأرض المغصوبة ثم أن أزواج النبي (ص) قد تصرفوا في بيوتهن في حياتهن تصرف الملاك ثم بعدهن تصرف الورثة فيها تصرف الملك حتى اشتراها عمر بن عبد العزيز أيام وليد بن عبد الملك وجعلها من المسجد ولو كان البيت لرسول الله (ص) لكان عمر بن عبد العزيز يردها إلى أولاد فاطمة ويشتري منهم كما زعموا إنه عمل في فدك مثل هذا وأمثال هذه الاعتراضات من باب الهذيانات انتهى وأقول قد مر منا أن دعوى تمليك النبي (ص البيت لعايشة دعوى مجردة تفرد بها الناصب ولا يعجز عنها أحد إذا لم يرد عن ذلك ورع أو حياء مع أنها مردودة بما ذكرناه ثمة من الشعر المشهور عن ابن عباس (رض) وأما ما ذكره من أن نسبة رسول الله (ص) البيت إلى نفسه الشريفة فلأن البيت له وهو مسكنه ومضجعه آه ففيه أن ذلك ارتكاب للتجوز و هو خلاف الأصل لما تقرر من أن الأصل في الاطلاق الحقيقة حتى يقوم القرنية الدالة على إرادة خلافه وقد عرفت أن دعوى التمليك مجردة عن الدليل فلا يصير بمجردها ثابتة وبو قرينة ولا دليل فبقي أن يكون ميراثا كما ادعاه أهل البيت (ع) أو صدقة كما ادعاه أبو بكر فعلى الأول كان الواجب استيذان الورثة في دفن أبي بكر وعمر كما ذكره المصنف وعلى الثاني يلزم أن لا يصلح تلك البيت مدفنا لرسول الله (ص) وكان حراما عليه الدفن فيها فلا بد من أن ذهبوا بالنبي (ص) إلى السماء أو إلى أرض مقدسة أخرى ولا يكون قولهم إنهما ضجيعا رسول الله (ص) مد حالهما مع أن مجرد المضاجعة والمعانقة بدون المناسبة المعنوية لا يوجب نفعا ولا خيرا كما أن أبوا محمد (ص) كانا حاملين لنور النبوة وينام في حجرهما وحجر مرضعته حليمة السعدية وكانوا ثلاثتهم كافرين بزعم الخصم وكذا آسية بنت مزاحم كانت ضجيع فرعون مع ظهور فرعون ولا أقل أن يكون ذلك من باب قوله تعالى فضرب بينهم بسور باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب وأما ما ذكره من أنه لو لم يكن البيت لعايشة لكان ينبغي أن ينتزعها عنها أمير المؤمنين في أيام خلافته ولكان ينبغي أن ينبش أبا بكر وعمر لأنهما دفنا في الأرض المغصوبة فالجواب عنه ما أجبنا عنه سابقا عن إيراد الناصب بعدم تصرفه (ع) لفدك في أيام خلافته وكذا الكلام في عدم نبشه أبا بكر وعمر فتذكر علي أنه (ع) ربما رام في تركهما في الأرض المغصوبة تضعيف عذابهما لما روى البخاري عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال قال رسول الله (ص) من أخذ من الأرض شبرا بغير حقه خنف به يوم القيامة إلى سبعة أرضين وفي رواية أنه قال (ص) من غصب من الأرض شبرا بغى رحق طوق بها إلى سبعة أرضين وقال محمد بن حبيب الصيبي رحمه الله في قصيدة له يمدح مولانا الرضا (ع) وبشر به إلى ما في جوار قبره الشريف من قبر هارون العباسي الكثيف شعر قبران في طوس الهدى واحد والعي في لحد ثراه ضرام قبران مقترفنان هذا بزعمه حياة فيها برود امام وكذلك ذلك من جهنم حفرة فيها يجدد للغوي هيام قرب الغوي من الزكي مضاعف لعذابه ولأنفه الارغام أن يدن منه فإنه لمباعد وعليه من خلع العذاب ركام وكذل ليس يضرك الرجس الذي يدينه منك جنادل وزحام لا بل يريك عليه أعظم حسرة إذ أنت تكرم واللعين يسلم سوء العذاب مضاعف يجزى به الساعات والأيام والأعوام وأما ما ذكره من اشتراء عمر بن عبد العزيز بعض تلك البيوت عن ورثة بعض الأزواج فعلى تقدير صحته لا يصير حجة علينا لأنه أيضا من الشجرة الملعونة الغاصبة للخلافة مع أنه يجوز على تقدير كونها صدقة كما يدعيه الخصم أن يكون من تقدم عمر بن عبد العزيز من غاصبي الخلافة قد أعطى بعض تلك البيوت لبعض الأزواج أو لبعض ورثتهن من باب المصالح كما ذكره الناصب سابقا في باب بني صهيب من أنه يجوز أن يكون أعطاهم مروان بيتين وحجرة من بيوت النبي (ص) من باب المصالح ثم اشتراه عمر بن عبد العزيز لأنه صار ملك من أخذه من باب المصالح فلا ينافي كون تلك ملك النبي (ص) في أيام حياته كما لا يخفى وقد ظهر بما قررناه ودمرنا به على هفوات الناصب أن نسبته للمصنف إلى الهذيان من قبيل نسبة خليفته الثاني كلام النبي (ص) إلى الهذيان والله المستعان قال المصنف رفع الله درجته وقد روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن عايشة قالت ما عزت على أحد من نساء النبي (ص) مثل ما عزت على خديجة وما رأيتها قط ولكن كان يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدايق خديجة فربما قلت له كأنه لم تكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول إنها كانت وكان لي منها ولد قالت عايشة وأمره ربه أو جبرئيل أن يبشرها أن خديجة لها بيت في الجنة من الفضة وأجمع المسلمون على أن خديجة من أهل الجنة وعايشة قاتلت أمير المؤمنين (ع) بعد الاجماع على إمامته وقتل بسببها نحوا من ستة عشر ألفا صحابيا وغيره من المسلمين وأفشت سر رسول الله (ص) كما حكاه الله تعالى وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين أن عمر خليفة أبيها شد عليها بذلك ونقل الغزالي سوء صحبتها لرسول الله (ص) فقال إن أباها أبو بكر دخل يوما على النبي (ص) وقد وقع منها في حق النبي (ص) أمر مكروه فكلفه النبي (ص) أن يسمع ما جرى ويدخل بينهما فقال لها رسول الله (ص) تتكلمين أو أتكلم فقالت بل تكلم ولا تقل إلا حقا فلينظر العاقل إلى هذا الجواب وهل كان عنده إلا الحق وينظر في الفرق بين خديجة وعايشة وقد أنكر الجاحظ من أهل السنة في كتاب الإنصاف غاية الانكار على من يساوي عايشة بخديجة أو يفضلها عليها انتهى وقال الناصب خفضه الله تعالى أقول أما فضايل خديجة فهي كثيرة لا تحصى ووصفها رسول الله (ص) وقال إن لخديجة بيت من القصب لا فيها هم ولا نصب ومساعيها في خدمة رسول الله (ص) كثيرة وهكذا لكل واحدة من أزواج النبي (ص) فضيلة وليس لنا ولا مثالنا أن ندخل في الفرق بين أزواج النبي (ص) وما كان لنا أن نتكلم في شأنهن بما يشبه طعنا أو قدحا فإن كل هذا يرجع إلى عرض رسول الله (ص) والتعرض لحرمة وهتك سترهن بعد السنين المتطاولة وكل هذا فيه خطر الكفر نعوذ بالله من هذا وما ذكر من إفشاء سر رسول الله