إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٢٩٨
طريقهم وطوارهم وههنا أجوبة أخرى لا نطول الكلام بذكرها وأما دعوى فاطمة فدكا فأشهر من أن يطلب صحتها في كتب الصحاح إذ فدعم خبرها العلماء والجهال والسدة والأتباع والرؤس والأذناب وقد مثل به قبل ذلك بخمسمائة سنة بعض حكماء الشعراء بقوله شعر ملك بخشاينده در حرمان ميمون خدمت چون خلافت بي علي بوده است بيز هرا فدك وكما ما ذكره من أن مجرد نقل التواريخ لا يصير حجة وسبببا للقدح في الخلفاء ففيه أن ما اشتمل عليه كتب التواريخ من جملة العلوم النقلية فيثبت بما ثبت به غيره من الأمور النقلية وقد تقرر في الأصول أن خبر العدل لواحد في النقليات فيبت به وإذا بلغ إلى حد الشهرة والتواتر المعنوي استغنى عن التعديل والمصنف لم يتمسك ههنا بمجرد رواية الواقدي بل صرح بغيره وأشار إلى كثرة حجة الأخبار المحكوم عليها بالصحة عند الخصم وأيده بما روى من مناظرة ألف نفس من الفقهاء أيام المأمون في ذلك وأكمله بالحديثين المرويين عن سند حفاظ أهل السنة وصدر أئمتهم و ليس عليه إلا تصحيح النقل إن أنكر الناصب وجوده وإلا فليترك شعبه وجحوده قال المصنف رفع الله درجته وقال محمود الخارزمي في الفايق قد ثبت أن فاطمة (ع) صادقة وأنها من أهل الجنة فكيف يجوز الشك في دعواها لفدك والعوالي وكيف يجوز أن يق أنها أرادت ظلم جميع الخلق وأصرت على ذلك إلى الوفاة فأجاب بأن كون فاطمة (ع) صادقة في دعواها وأنها من أهل الجنة لا يوجب العمل بما تدعيه إلا ببينة قال وأصحابنا يقولون لا يكون حالها أعلى من حال نبيهم محمد (ص) ولو ادعى محمد مالا على ذمي وحكم حاكما ما كان للحاكم أن يحكم له إلا بالبينة وإن كان نبيا ومن أهل الجنة وهذا من أغرب الأشياء بل أنه ليس بمستبعد عندهم حيث جوزوا الكذب على نبيهم نعوذ بالله من أمثال هذه الأقوال انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد تقرر في الشرع أن الحاكم لا بد له من مستند في حكمه وذلك المستند والحكم أما البينة العادلة أو اليمين أو عليم الحاكم ثم أن الحاكم ليس له أن يحكم يغير المستند وكل هذه الأمور تقرر في الشرع ولا خلاف في هذا فالحاكم في حكمه مشروط عليه وجود المستند والحكم مشروط به فإذا فقد الشرط فقد المشروط لأن الحاكم إذا تيقن صدق المدعي فله الحكم ألا ترى أن في الحدود لا يجوز للحاكم أن يعمل بعلمه فإذا رأى الحاكم أن فلانا زنا وهو شاهد فعل فعل الزنا بشرايطه المعتبرة في الشهادة على الزنا فلا يجوز له الحكم مع وجود العلم اليقيني بالزنا فالعلم اليقيني بصدق الحكم إذا فقد مستند الحكم فلا يوجب الحكم بل لا يجوز والشيعة إن وافقوا في هذا فليس لهم الاعتراض على أبي بكر في عدم حكمه لفاطمة وطلب البينة عنها وإن خالفوا في هذا الحكم فالبحث بينهم وبين أهل السنة في ذلك الأصل الذي يتفرع عليه هذا الحكم انتهى وأقول لأنهم حصر المستند فيما ذكره بل العصمة وتعين الصدق أيضا من جملة المستندات وأقواها كما يدل عليه القضية التي شهد فيها ذو الشهادتين للنبي (ص) مستندا بعصمته فأجاز النبي (ص) شهادته بشهادة رجلين وحكم بقوله فلولا أن العصمة دليل للصدق وتغني عن الشهادة لما حكم النبي (ص) بقول خزيمة بن ثابت وحده ولما صوبه في الشهادة على ما لم يره ولم يحضره باستدلاله عليه بدليل نبوته وصدقه عن الله عز وجل فيما أداه إلى بريته نعم لما كانت عصمة المعصومين في زمانه منحصرة فيه (ص) وفي علي وفاطمة والسبطين (ع) وقل صدور الدعاوي منهم لم يشتهر هذا المستند اشتهار غيره مما عم ساير الخلايق وبهذا ظهر أذب ما ذكره أصحاب صاحب الفايق من أنه لو أدعى محمد (ص) على ذمي آه وبالجملة طوق آية الشهادة وعمومها مما خصه فعل للنبي (ص) وتقريره بمن عد المعلومين عصمتهم وصدقهم وإذا وجب قبول فاطمة (ع) بدلايل صدقها واستغنت عن الشهود لها ثبت أن الذي منعها حقها وأوجب عليها الشهود على صحة قولها قد جار في حكمه وظلم في فعله وآذى الله ورسوله بإيذاء فاطمة (ع) وقد مر عليه قوله (ع) فاطمة بضعة مني يؤذيني من آذاها و قال الله تعالى إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدلهم عذابا مهينا ولو سلم فنقول قد اعترف الناصب بأن علم الحاكم من جملة المستندات فعلى تقدير صوق المدعي يلزم العلم للحاكم بصدق ما يدعيه لزوما وعلما ضروريين وعلى هذا قد اضمحل جميع ما نسجه الناصب من المقدمات الواهية كما لا يخفى ولو سلم فقد مر أنها (ع) أتت بعلي (ع) وأم أيمن شاهدا على ذلك ومعها عليها لسلام ظاهر اليد فإن المروي أن القريتين كانتا في تصرفها عليها السلام فأخرج عمالها منهما فإن قلت البينة غير كاملة ولعل أبا بكر لا يرى تكميل البينة باليمين قلت هذا مردود إذ هو شئ اختلقه بعض الخصوم لهدم هذه القاعدة فلا يسير حجة لا سيما وأكثر الخصوم يقول بموافقتنا من تكميل البينة باليمين كما هو المشهور في كتبهم قال ابن حزم وأما اليمين مع الشاهد فزوينا عن عمر بن الخطاب أنه قضى رسول الله (ص) باليمين والشاهد الواحد ومن طرق ابن وهب عن أنس بن عياض أبي ضمرة أن جعفر بن محمد أخبرهم قال سمعت أبي يقول للحاكم بن عينية قضى رسول الله (ص) باليمين مع الشاهد وقضى بها علي بين أظهركم ومن طريق هشم عن حصين بن عبد الرحمن أن عبد الله بن مسعود قضى بدين لإنسان أقام شاهدا واحدا وأحلفه مع شاهده وصح عن عمير بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن عبد الحميد وعن شريح وروى عن جماعة منهم سليمان بن يسار وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وربيعة بن سعيد الأنصاري وأياس بن معاوية ويحيى بن يعمر والفقهاء السبعة وغيرهم وهو قول مالك والشافعي إلا أنهما لا يقضيان بذلك إلا في الأموال وجاء عن عمر بن عبد العزيز أنه قضى بذلك في جراح العمد والخطأ ويقضي به مالك أيضا في القصاص في النفس ولا يقضي به في العتق انتهى قال المصنف رفع الله درجته وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين أن بني صهيب مولى بني جدعان ادعو بيتين وحجرة أن رسول الله (ص) أعطى ذلك صهيبا فقال مروان من يشهد لكم على ذلك قالوا ابن عمر يشهد فقضى لهم مروان بشهادته وفي صحيح البخاري أن فاطمة (ع) أرسلت إلى أبي بكر وسألته ميراثها من رسول الله (ص) مما أفاء الله عليه بالمدينة من فدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر أن رسول الله (ص) قال لا نورث ما تركناه صدقة وإنما يأكل آل محمد من هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله (ص) عن حالها التي كانت عليه وأبى أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تتكلم معه حتى توفيت وعاشت بعد النبي (ص) ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي (ع) ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها ولداها وعلي (ع) وذكره أيضا في مواضع أخر بعينه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكره من حكم ومروان لبني صهيب
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»