سنة رسول الله (ص) تفرق عنها في الأصحاب وكان كل عالم من الصحابة يدرون سنته وأحواله وكان أبو موسى يعلم هذه السنة وكان عمر لا يعلمه وكثير من هذه الأحكام كان يعلمها بعض دون بعض وكانوا يذاكرونه ويعلمونه من لا يعلم حتى تم أحكام الشرع فعدم علم عمر ببعض السنن لا يقدح عي علمه بالكلية انتهى وأقول الملام في أن الناصب وأصحابه يقولون أن عمر كان وزيرا لرسول الله (ص) ملازما له لا يفرق مجلسه إلا أحيانا وأنه (ص) كان يستمد بتدبيره ويشاوره في قليله وكثيره فكيف يمكن مع ذلك أن يخفى عليه استحباب طلب الإذن للدخول على الناس والحال أن رسول الله (ص) كان أحق وأولى برعاية الصحابة لهذا الأدب وبالنسبة إليه واستمرارهم على ذلك عند الدخول عليه وبالجملة السنن الذي يجوز تفرق علمها في الأصحاب مم هي ما يسئل عنها أحاد الجمهور دون السنن والآداب المتررة؟ في الأيام والشهور ولكن ليس ذلك بعجب من عمر فقد علم من قصته مع أويس رض على ما نقل سابقا من كتاب تذكرة الأولياء وغيره أنه أنكر على عمر دعوى رويته للنبي (ص) وقال له لعلك رأيت جبة النبي (ص) ولئن رأيته قل لي أن حاجباه كانتا متصلتين أو مفصولتين فعجز عمر عن الجواب قال المصدر رفع الله درجته وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند عمر بن الخطاب قال قال رسول الله (ص) إذا قال المؤذن الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر قال أشهد أن لا إله إلا الله قال أحدكم أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن محمد رسول الله (ص) قال أشهد أن محمد رسول الله (ص) ثم قال حي على الصلاة قال حي على الصلاة ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر قال الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قال به دخل الجنة فهذه روايته وزاد بعد موت النبي (ص) الصلاة خير من النوم وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين في حديث أبي مجذورة سمدرة ابن مغيره لما علمه الأذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله (ص) أشهد أن محمد رسول الله (ص) حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين الله أكبر لا إله إلا الله وقال الشافعي في كتاب الأم أكره في الأذان الصلاة خير من النوم لأن أبا مجذورة لم يذكره انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول روى مسلم في صحيحه وكذا النسائي والترمذي في صحيحهما عن أبي مجذورة قال في صحيحهما عن أبي مجذورة قال قلت يا رسول الله علمني سنة الأذان فذكر الأذان وقال بعد قوله حي على الفلاح فإن كان صلاة الصبح قلت الصلاة خير من النوم الله أكبر لا إله إلا الله وعن بلال قال قال رسول الله (ص) لاتثوبن في شئ من الصلاة إلا في صلاة الفجر هكذا في الصحاح وهو يقول أن التثويب من زيادة عمر ثم يفترى على الشافعي أنه ذكر في الأم أن أبا مجذورة لم يذكر التثويب والحال أن مذهب الشافعي أن التثويب في صلاة الصبح سنة من رسول الله (ص) لا خلاف فيه لأحد من أصحابه وهو أعلم من أصحاب الشافعي بمذهبه وهذا جهل من جهالاته انتهى وأقول الظاهر أنه لا يبقى عند الناصب وغيره من أصحاب الشافعي وثوق على رواية طعن فيها الشافعي فلا يفيد إظهار كون تلك الرواية مذكورة في الصحاح مع ما علم من حال تلك الصحاح وأما إنكاره على المصدر في نقله عن الشافعي في الأم كراهة التثويب فمردود بما في كتاب الروضة من الدلالة على صحة ذلك النقل حيث قال الرابعة التثويب أن يقول في أذان الصبح بعد الحيعلتين الصلاة خير من النوم مرتين وهو سنة على المذهب الذي قطع به الأكثرون وقيل قولان القديم الذي يفتى به سنته والجديد ليس بسنته انتهى كلامه ولو وجد كتاب الأم فحسن ظننا بالمصدر قدس سره أنه وحد فيه ما نقل مطابقا بلا زيادة ونقصان وبهذا ظهر أن المصدر لم يفتر على الشافعي وأن الناصب كاذب في نفي الخلاف بين الشافعية في ذلك وأنه جاهل بمذهب إمامه ومذهب أصحابه أيضا قال المصدر رفع الله درجته روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين مسند أبي موسى الأشعري قال قال لي عبد الله بن عمر هل تدري ما قال أبي لأبيك قال قلت لا قال أن أبي قال لأبيك يا أبا موسى أن إسلامنا مع رسول الله (ص) وهجرتنا معه وعملنا كله معه يرد كل عمل عملنا بعده نجونا منه كفافا رأسا برأس فقال أبوك لأبي لا والله لقد جاهدنا بعد رسول الله (ص) وصلينا وصمنا وعملنا خيرا كثيرا وأسلم على أيدينا كثير وأنا أرجو ذلك قال أبي لكني والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك يرد لنا كل شئ عملناه بعده نجونا منه كفافا رأسا برأس ومن كتاب الجمع بين الصحيحين من مسند عبد الله بن عباس أنه لما طعن عمر بن الخطاب كان يتألم فقال ابن عباس ولا كل ذلك فقال بعد كلام أما ترى من جزع وهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه وهذا اعتراف منه حال الاحتضار بأنه وقع منه ما يستوجب المؤاخذة في حق بني هاشم وكنه عني أن يفتدى ما على الأرض ذهبا من عذاب الله لأجل ما جرى منه في حقهم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول لا يخفى على كل من يفهم الكلام أن هذا من أعمال الصديقين حال الموت وأنهم لا يرون أعمالهم في ذلك الوقت ويتواضعون عند الله تعالى ويعترفون بذنوبهم فإن القدوم على الله تعالى أمر صعب ولا يجزم المؤمن بقبول أعماله سيما من قصد الخلافة والزعامة الكبرى فإن أمره أصعب وأخوف وليس هذا من باب الاعتراف بالذنب عند الناس بل هو من التواضع عند الله تعالى ولا يعرف هذا إلا الصديقين الخايفون انتهى وأقول فيه أن مكالمته مع أبي موسى لم يكن عند الموت وإظهار جزعه عند ابن عباس وإن كان عند الفوت لكن لم يكن جزعا عن خوف المؤاخذة على الاطلاق كما هو عادة الصديقين بل كان جزعا عما فعله من الجور والظلم والغضب بالنسبة إلى بني هاشم خصوصا علي وفاطمة عليهما السلام فدل على أنه اعتراف بذنب منجز مسجل صدر منه بالنسبة إلى أهل بيت رسول الله (ص) مكرم مسجل قال المصدر رفع الله درجته وفي الجمع بين الصحيحين عن ابن عمر في رواية سالم عنه قال دخلت على حفصة ونوساتها تنظف فقالت أعلمت أن أباك غير مستخلف قلت ما كان ليفعل قالت إنه فاعل قال فحلفت أن أكلمه في ذلك فسكت حتى غدوت ولم أكلمه وكنت كأنما أحمل بيميني جبلا حتى رجعت فدخلت عليه فسألني عن حال الناس وأنا أخبره قال ثم قلت سمعت الناس يقولون مقالة فآليت أن أقولها لك زعموا أنك غير مستخلف وأنه لو كان راعي غنم أو راعي إبل ثم جاء وتركها لرأيت أنه قد ضيع رعاية الناس أشد قال فوافقه قولي فوضع رأسه ثم دفعه إلى فقال إن الله يحفظ دينه وإني أن لا أستخلف فإن رسول الله (ص) لم يستخلف وإن استخلف فإن أبا بكر قد استخلف فقال والله ما هو إلا أن ذكر رسول الله (ص) وأبا بكر فقلت لم يكن ليعدل برسول الله أحدا وأنه غير مستخلف وهذا يدل على اعتراف عبد الله بن
(٢٩٣)