إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٢٩٥
الشورى أيضا كان تحملا للخلافة خصوصا ما أعتبر في ذلك من القيود اللازم منها عدم تجاوز الخلافة عن عثمان كما مر في كلام المصنف سابقا وإنما جعله شورى مشتركة بحسب الظاهر بين الستة ولم يصرح بتعيين عثمان رعاية لبعض الحياد عن جماعة كانوا يستقبحون اختيار عثمان على علي (ع) في الخلافة إطفاء لفتنة كان يتوقعها بدون ذلك من بني هاشم وأيضا قد مر أنه أمر بقتل بعض أهل الشورى على بعض الوجوه فأين التقوى والحذر وأين النصون؟ وأين الصفا وأما ما استمد لا له نفي صيرورة الشورى موجبا للفتنة بأن الأمر تقرر على عثمان فمدفوع باب هذا لا يدفع احتمال كون الخروج على عثمان بعد ذلك لأجل قضية الشورى وافضاءها إلى طلحة والزبير بأن يعجبوا بأنفسهم ويسعوا في نيل الخلافة والإمارة على حسب ما أمر بالنفس الإمارة وأما قوله وهؤلاء لم يخرجوا على عثمان فإنكار بارد بل خرجوا عليه وحرضوا الناس في قتله ومنعوا الماء كما ذكر ابن قتيبة في كتاب السياسة والإمامة حيث قال وكان طلحة يحرض الفريقين جميعا على عثمان يعني أهل المصر وأهل الكوفة وقال عثمان على على يخبره أنه منع من الماء ويستغيث به فبعث إليه بثلث قرب من الماء فما كادت أن يصل إليه فقال له طلحة ما أنا وذا وكان بينهما في ذلك كلام شديد وقال لما قال طلحة لعائشة قد بويع علي فقال ما لعلي يسولي على رقابنا إلا أدخل المدينة ولعلي فيها سلطان ورجعت ونفد عمرو بن العاص إلى سعد بن أبي وقاص سأل عن قتل عثمان ومن قتله وتولى كبره وأني أخبرك أن عثمان قتل بسيف سلته عائشة وصقله طلحة وسمه ابن أبي طالب انتهى فظهر أن الشورى كانت فتنة أيقظها عمر فأورثت قتل عثمان وما بعده من البغي والعدوان فيكون وزرها في رقبة عمر ومن عاونه فيا أمر قال المصنف رفع الله درجته وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند عمر بن الخطاب أن أبا بكر قال ذلك اليوم يعني السقيفة ولن يعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش ثم قال عمر يوم الشورى بعد ذم كل واحد منهما بكرهه لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لما نالني فيه الشكوك وبالإجماع أن سالما لم يكن قرشيا وقد ذكر الجاحظ في كتاب الفتيا هذه المناقصة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقوال الصحيح من الخبر أن عمر قال لو كان أبو عبيدة الجراح حيا لم أجعل الشورى لأن رسول الله (ص) صما أمينا هذا ما صح من الرواية فإن صح أنه ذكر سالما فربما كان مذهبه أن القرشية ليست بشرط في الخلافة كما ذهب إليه كثير من العلماء وأيضا كلام عمر لا يدل على توليته الخلافة لأنه قال لم يخالجني فيه شك لاستحقاقه لكن لا يمكن التولية لعدم قرشيته فلا تناقض انتهى وأقول قوله الصحيح سقيم لأنه رد على الصحيح بين الصحيحين والظاهر مما حصر فيه الصحة الصحة ههنا مع عدم نسبته إلى شئ من صحاحهم أنه لا أصل له أصلا بل هو من جملة موضوعاته المنشورة في كتابه هذا وأما ما أحتمله من كون اجتهاد عمر عدم اشتراط القرشية في الخلافة فمناف لما وصفه الناصب سابقا من تقوى عمر واتقائه من الله تعالى لأن الأنصار قد رجحوا في ذلك اليوم أنفسهم في صلاحيته الإمارة أو تعارضوا كما دل عليه قولهم منا أمير ومنكم أمير وإنما غلب عليهم أبو بكر بدليل اشتراط القرشية في الخلافة فلو لم يكن ذلك شرطا عند عمر لما جاز منه تفضيل أبي بكر عليهم بمجرد ذلك واختيار بيعته قبل الجميع بل كان عليه أن ينبه الأنصار بأن ما ذكره من قوله الأئمة من قريش مغلطا وردها أبو بكر عليهم ولا أصل له في كتاب ولا سنة اللهم أن يقر تغيير اجتهاده يوم الشورى عند تذكر سالم وفيه ما فيه وأما ما ذكره بقوله وأيضا كلام عمر لا يدل على توليته الخلافة فمنشاؤه سوء الفهم وكثرة مزاحمة الوهم فإن عمر يوم الشورى مخاطبا للذين انتخبهم للخلافة وبعد إظهار غيب في كل منهم أن سالما لو كان حيا لما خالجني فيه الشكوك والعيوب هل يحتمل سوى أنه كان مستحقا لتفويض الخلافة بلا شورى ومن اللطايف أن الناصب جاء في بدل تلك الرواية من حيث لا يشعر بما يدل على أن المراد في كل منها توليته الواحد بلا شورى حي ثقال لو كان أبو عبيدة الجراح حيا لم أجعل الشورى آه فافهم قال المصنف رفع الله درجته وقد ذكر أبو المنذر هشام بن محمد بن السايب الكلبي من علماء الجمهور أن من جملة البغايا وذوي الرايات صعبة بنت الحضرمي وكانت له راية بمكة واستصفت بأبي سفيان فوقع عليها أبو سفيان وتزوجها عبيد الله بن عثمان بن عمر وبن كعب بن سعد بن تيم فجاءت بطلحة بن عبيد الله لستة أشهر فاختصم أبو سفيان وعبيد الله في طلحة فجعلا أمرهما إلى صعبة فألحقته بعبيد الله فقيل لها كيف تركت أبا سفيان فقالت يد عبيد الله طلقه ويد أبي سفيان بكرة وقال أيضا وممن كان يلعب به وتنخت عبيد الله أبو طلحة فهل يحل لعاقل المخاصمة مع هؤلاء لعلي (ع) وقال أيضا كان يعلب به وينتحل عفان أبو عثمان فكان يضرب بالدفوف انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قال ابن الجوزي في كتاب الموضوعات وكان من كبار الكذابين وهب بن وهب القاضي ومحمد بن السايب الكلبي ومحمد بن سعيد المصلوب وأبي داود النخعي وإسحق بن يحيى الملطي وغياث بن إبراهيم النخعي فالمغيرة بن سعيد الكوفي والغرض ن محمد بن السايب الكلبي من الكذابين الوضاعين وهو لا يعرف اسمه وحسب أن اسمه هشام بن محمد وهذا باطل لا يخفى على أهل الأخبار ما ذكره ليس إلا نشر الفاحشة ولا اعتماد على نقل صاحب المثالب فإن من صنف كتابا في شئ فلا بد يأتي بكل عث وسمين و يذكر فيه معايب الناس وليس فيه ذليل ولا حجة وكلامنا في الدلايل العقلية والشرعية وهو يفق الكلام من كتاب المضاحك والمثالب وهو يتضمن نسبته الفاحشة إلى أنساب أكابر الصحابة وجماعة الخلفاء والذين شهد رسول الله (ص) له بالجنة وقد صح هذا بحيث لا يرتاب فيه وقد صح إن ولد الزنا يدخل الجنة فيجب الحكم ببطلان ما رواه من كتاب المثالب وأيضا أن صح هذا الخبر فليس فيه قدح لأن هذا الذي ذكره من أنكحته الجاهلية وقد صح إن أنكحته الجاهلية معتبرة ولا ينتفي به النسب فلا مثلبة انتهى وأقول قد صرح محققو أهل السنة بأن ابن الجوري قد تجاوز في طعن أكابر الرجال عن حد الاعتدال حتى بعض ألف في هذا الباب من الحنفية لعمري أنه فرط في الحكم بالوضع حتى تعقبه الفضلاء الكاملين فهو ضرر عظيم على القاصرين وقال جلال الدين السيوطي قد أكثر ابن الجوزي في الموضوعات من إخراج الضعيف بل ومن الحسان ومن الصحاح كما نبه عليه الحفاظ ومنهم ابن الصلاح انتهى وأيضا من عادة أهل السنة إذا رأوا أن واحد من علماء الشيعة قد أظهروا من روايات بعض أهل السنة ما يوجب خللا في أصولهم ولا يمكنهم التقصي عنه بادروا إلى الحكم بإخراجه من أهل السنة إن كان خاملا في الحملة وإلا
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»