إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٢٩٠
تعريفه إلى أبي بكر مع كونه من أرذال قريش وأذلهم قبيلة كما نطق به أبو سفيان واعترف به الناصب أيضا سابقا فتذكر قال المصنف رفع الله درجته وفيه خرج عمر بن الخطاب ويده على العلا بن الجارود فلقته امرأة من قريش فقالت يا عمر قف فوقف لها فقالت كنا نعرفك مرة عمير ثم صرت من بعد عمير عمر ثم صرت من بعد عمر أمير المؤمنين فاتق الله يا بن الخطاب وانظر في أمور الناس فإنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد ومن خال الموت خشي من الفوت انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول إن صح هذا دل على فضيلة من فضايل عمر وإنه كان يقف للنساء والضعفاء ويتحمل آذاهم ويسمع منهم النصيحة ولا طعن فيه انتهى وأقول قد صح هذا وقد دل على ما دل عليه ما روى عن ابن العاص قبل ذلك من اتصاف عمر بالدنية وعدم اتقانه في أمور البرية لا على مجرد تحمله للأذية ولو كان بريا عما نسبت إليه المرأة لأجاب عن ذلك بجميل الخطاب ولأوضح خلافه على من معه من الأصحاب وحيث لم ينقل عنه شئ في هذا الباب علم أنه خاب من حمل ظلما عن الجواب والله أعلم بالصواب قال المصنف وقد روى أبو المنذر بن هشام ابن محمد بن السايب الكلبي وهو من رجال السنة في كتاب المثالب قال كانت صهاك أمة حبشية لهاشم بن عبد مناف فوقع عليها نفيل بن هاشم ثم وقع ليها عبد العزى بن وباح فجاءت بنفيل جد عمر بن الخطاب ومن أعجب الأشياء نسبتهم الشيعة إلى السب ولم يستجر الشيعة مثل هذا القول ولا تعرضوا به وعلماؤهم يرونه وهذا من جملة قلة الإنصاف فإن الشيعة أقصى ما يقولون إنه أخذ الإمامة وهو حق أمير المؤمنين وغصبه ذلك هذا عالمهم قد نقل عنه ما ترى فأهملوا واشتغلوا في ذم الشيعة انتهى وقال الناصب خفضه الله وأقول الكلبي كتب كتاب المثالب وذكر فيه مثالب العرب في ما يرويه عضهم بعضا من القدح في الأنساب ولا صحة له ولا دليل فيه وهو لم يذكر هذه لمعايب الخلفاء كما اعتاده الشيعة بل رواه عن مثالب قبايل العرب ثم أنكحة الجاهلية على ما ذكره أرباب التواريخ على أربعة أوجه منها أن يقع جماعة على امرأة ثم من ولد منها يحكم فيه القايف أو تصدق المرأة وربما كان هذه من أنكحة الجاهلية وما ذكر أن الشيعة لا يسبون عمرا إلا بأنه أخذ الخلافة ولا يقدحون فيه بشئ آخر فكل هذا الكتاب يدل على كذبه في هذا الكلام والموعد بيننا وبينه عند رسول الله (ص) إذ يؤاخذه بإيذاء أصحابه وذكر مطاعن أحبابه ثم يبعثه إلى جهنم وبئس المهاد انتهى وأقول ما ذكره أولا من أنه لا صحة ولا دليل في الأخبار المروية في المثالب مدفوع بأن الأصل في أخبار المسلمين سيما المشهورين نعلم منها الصحة حتى يظهر خلافه بدليل وأما نفي الدليل فيها فإن أراد به نفي دلالتها على عهر الأمهات فهو مكابرة صحيحة وإن أراد الدليل من غيرها عليها فهذا مطالبة مما لا يكلف به أحد من ناقل الأخبار بل تلك الأخبار لا يدل على مدلولاتها من مناقب الأخبار ومثالب الأشرار ثم من أين علم أن المصنف نقل أخبار المثالب لغرض الطعن على الصحابة روى الكلبي مع أن كلامه مشعر بخلاف ذلك ولم لا يجوز أن يكون غرضه من إيراد ذلك الطعن على أهل السنة بأنهم يروون في شأن آباء خلفائهم ما يلزم منه الطعن عليهم وبهذا يندفع أيضا ما ذكره من أن كل هذا الكتاب يدل على كذب المصنف في دعوى براءة الشيعة عن السب وأن يقولوا في شأن الخلفاء الثلاثة بمثل هذه المثالب وأما ما ذكره من أن وقوع جماعة على امرأة ربما كان من أنكحة الجاهلية فهي تعصب لأهل الجاهلية ناش عن غاية الجهل والعصبية إذ لو صح ما ذكره لما تحقق زنى في أيام الجاهلية ولما سمى مثل ذلك بالمثالب ولكان من وقع على امرأة كان ذلك نكاحا منه عليها ولم يسمع أحد إن من أنكحة الجاهلية كون امرأة واحدة في يوم واحد أو شهر واحد في نكاح جماعة من الناس وأما ما ذكره من أن الموعد بيننا وبينه عند رسول الله (ص) إلى آخره ففيه أن من دلايل سوء عاقبة المصنف قدس سره في ذلك الموعد أنه ما دام حيا كان عزيزا وجيها في الدين والدنيا وبعد وفاته جعل الله مكانه في جوار أمير المؤمنين ومن دلايل سوء عاقبة الناصب إن طرده الله تعالى عن الايران بسوط القهر إلى نيران ما وراء النهر وجعل مكانه بعد موته في جنب أولياء الشيطان الذين يشترطون بغض أمير المؤمنين في صحة الإيمان وقد وثق المصنف من قوله (ع) المرء مع من أحب إن حشره مع النبي (ص) والآل وأحبائهم وحشر الناصب مع من نكث عهد رسول الله (ص) وارتدوا على أعقابهم ولنعم ما قيل شعر عشر غلامان على با على حشر غلامان محبان عمر با عمر قال المصنف رفع الله درجته وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين قال بأن عمر بن الخطاب أمر على المنبر أن لا يزاد في مهور النساء على عدد ذكره فذكرته امرأة من جانب المسجد بقول الله تعالى وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا فقال كل أحد أعلم من عمر حتى النساء فلينظر العاقل المنصف هل يجوز لمن وصف نصفه بعامة الجهل وقلة المعرفة أن يجعل رئيسا على الجميع وكلم أفضل منه على ما شهد به على نفسه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد سبق ذكر هذا الكلام وجوابه وأنه ذكر هذا الكلام للتواضع والعجب من هذا المرء كيف يكرر الكلام انتهى أقول لا تكرار لأنه قد استدل به سابقا على خصوص كونه مفضولا عن علي لاحتياجه في أمثال هذه الأحكام إلى الاستفادة عنه (ع) واستدل به ههنا على عدم صلاحيته للخلافة رأسا كما لا يخفى بأدنى تأمل قال المصنف رفع الله درجته وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي أن عمر أمر برجم امرأة ولدت لستة أشهر فذكر علي (ع) قول الله تعالى وحمله وفصاله ثلاثون شهرا مع قوله تعالى والوالدات يرضعن أولادهم حولين كاملين فرجع عمر عن الأمر برجمها وهذا يدل على إقدامه على قتل النفوس المحرمة وفعل ما يتضمن القذف انتهى وقال الناصب خفضه الله تعالى ما أبرد هذا الحلي الجاهل وما أسمجه في تكراره وكودنته قد ذكرنا أن عمر حكم حكما ثم ذكره عالم كتاب الله تعالى فرجع عن الحكم كيف يدل هذا على إقدامه وجرأته في قتل النفوس المحرمة نعوذ بالله من سماجة الرجل الحلي انتهى وأقول لا تكرر إذ قد استدل المصنف بهذا فيما سبق على دنة عمر وجهله بالأحكام واستدل به ههنا على إقدامه وجرأته في قتل النفوس المحرمة والحق أن يقال إن هذا يدل على اتصافه بأحد الأمرين وعلى كلا التقديرين لا يصلح للخلافة ثم لا يخفى أن من يحتاج في مثل هذه الأمور الواضحة التي نسبه غيره عليه كما اعترف به الناصب لا يليق أيضا لمنصب الإمامة والخلافة فقوله إن عمر حكم حكما ثم ذكره عالم كتاب الله لا يسمن ولا يغني من جوع ولم لم يترك الأمر إلى عالم كتاب الله حتى لا يقع في مثل ذلك الخطأ قال المصنف روى أحمد بن حنبل في مسنده أن عمر بن الخطاب أراد أن يرجم مجنونة فقال له علي (ع) ما لك ذلك
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»