كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٢١٥
بالقبيح، لكن فاعله مقدم على حسن من حيث يفعله لا على الوجه الذي يقبح قلنا محال أن يقع الفعل قبيحا على وجه من بعض الفاعلين، ويقع على ذلك الوجه من فاعل آخر ولا يكون قبيحا لأن علة القبح الوجوه والاعتبارات، فالمحاربة إذا دعا الإمام إليه وفعلها وكانت قبيحة منه لم يصح منه لأنه عالم بقبحها، بل لأنه متمكن من العلم بذلك، لأن التمكين في هذا الباب يقوم مقام العلم ورعية الإمام إذا كانوا متمكنين من العلم بقبح المحاربة وما يعود به الفساد في الدين قبحت منهم وإن لم يعلموا وجهها في الحال لتمكنهم من العلم بقبحها، فلا بد وأن يكونوا متمكنين، فكيف تكون المحاربة قبيحة منه غير قبيحة منهم، ولو سلمنا جواز عدم تمكنهم من العلم بحال المحاربة في القبح أو الحسن لم يقدح أيضا، لأن الكلام فيما مكنوا من العلم بحاله من جملة ما دعاهم الإمام إلى فعله، ولو استقام له ما أراده من المحاربة لم يستقم له مثله في غيرها من أمور الدين لأن الإمام لا بد وأن يكون إماما في سائر الدين ومفتدى به في جميعه ما كان معلوما وجهه للرعية، وما لم يكن على ما دللنا عليه من قبل، فيلزم على هذا أن لو دعاهم إلى غير المحاربة مما لا يمكن المنازع أن يدعي كونه حسنا أن يلزم طاعته والانقياد لأمره من حيث وجب الاقتداء به، فأما العبد فلما كلف طاعة مولاه فيما لا يعلمه قبيحا، فما تمكن من العلم بقبحه حكم ما يعلمه قبيحا، وأما ما لا سبيل له إلى العلم بحاله، فيجوز أن لا يقبح منه، وإن قبح من المولى وليس هذا حال الإمام لأن كلامنا على ما أمرنا باتباعه فيه فيما يتمكن من العلم بحاله، فلا بد أن يكون القبيح منه قبيحا منا.
وعن الثاني: إن إمامة الصلاة ليست بإمامة حقيقية لأنه لم يثبت فيها معنى الاقتداء الحقيقي، سلمنا كونها إمامة حقيقة، لكن الاقتداء هنا فيما التكليف فيه منوط بالظن، وثمة الاقتداء لتحصيل العلم وإزالة الاحتمال وإزالة الشك والريب.
وعن الثالث: إن الأمير مولى عليه ولعصمة الإمام وعدم مسامحته له يخاف من المؤاخذة والعزل وخطأه ينجبر بنظر الإمام عليه السلام ووجوده
(٢١٥)
مفاتيح البحث: الصّلاة (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست