المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ٧٣
قال: نحن لا نسلم أنه من أهل البيت عليهم السلام، إذ قد صح في أحاديثنا أنهم خمسة (1).
فقلت: سلمنا أنه ليس من الخمسة، ولكن حكمه حكمهم في العصمة، ووجوب الاتباع لوجهين:
الأول: إن كل من قال بعصمة الخمسة قال بعصمته، ومن لا فلا، وقد ثبتت عصمة الخمسة بنص القرآن، فثبتت عصمته لأنه قد وقع الإجماع على أنه لا فرق بينه وبينهم، فالقول بعصمتهم دونه خلاف إجماع المسلمين.
الثاني: إنه اشتهر بين أهل النقل والسير أن جعفر الصادق وآباءه عليهم السلام لم يترددوا إلى مجالس العلماء أصلا، ولم ينقل أنهم ترددوا إلى مخالف ولا مؤالف، مع كثرة المصنفين في الرجال، وطرق النقل، وتعداد الشيوخ والتلاميذ، وإنما ذكروا أنه أخذ العلم عن أبيه محمد الباقر عليه السلام، وهو أخذه عن أبيه زين العابدين عليه السلام، وهو أخذه عن أبيه الحسين عليه السلام وهو من أهل البيت عليهم السلام إجماعا.
وقد صح عندنا أنهم عليهم السلام لم يكن قولهم بطريق الاجتهاد، ولهذا لم يسأل أحد قط صغيرا ولا كبيرا عن مسألة فتوقف في جوابها، أو أحتاج إلى مراجعة.
وقد صرحوا عليهم السلام أن قول الواحد منهم كقول آبائهم، وقول آبائهم كقول النبي (ص)، وثبت ذلك عندنا بالطرق الصحيحة المتصلة بهم (2).

(١) الخمسة يقصد بهم هنا الرسول (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين وهم الذين قصدهم الرسول بقوله: هؤلاء أهل بيتي. ونزلت فيهم آية الكساء والمباهلة.. وهم الذين قصدتهم آية التطهير في سورة الأحزاب.
(٢) روى الصفار في بصائر الدرجات: ٣١٩ ح ٢ بإسناده إلى الفضيل عن أبي جعفر الباقر (ع) أنه قال:
لو أنا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من كان قبلنا ولكنا حدثنا ببينة من ربنا بينها لنبيه (ص) فبينه لنا.
وروى المفيد في أماليه: ٤٢ ح ١٠ بإسناده إلى جابر، قال: قلت لأبي جعفر (ع): إذا حدثني بحديث فأسنده لي. فقال: حدثني أبي عن جدي، عن رسول الله (ص)، وعن جبرئيل (ع)، عن الله عز وجل، وكل ما أحدثك بهذا الإسناد.
وروى الشيخ الكليني في الكافي ١ / 42 بإسناده إلى هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيرهما قالوا: سمعنا أبا عبد الله (ع) يقول: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (ص) وحديث رسول الله قول الله عز وجل.
ورواه المصنف في وصول الأخيار: 153 عن محمد بن يعقوب بهذا الإسناد. ولله در من قال من أهل الكمال:
إذا شئت أن تبغي لنفسك مذهبا * ينجيك يوم الحشر من لهب النار فدع عنك قول الشافعي ومالك * وأحمد والمروي عن كعب أحبار ووال أناسا قولهم وحديثهم * روى جدنا عن جبرئيل عن الباري
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست