(2) ثم رأيته بعد ذلك في غضب وتكدر من التشيع، بواسطة ما رسخ في قلبه من عظم شأن الصحابة، واعتقاده أن الشيعة تسبهم.
فقلت له في ليلة أخرى: إن عاهدت الله على الإنصاف، وكتم الأمر علي، بينت لك أمر السب فعاهد الله على ذلك ما دمت حيا بأيمان مغلظة، ونذور مؤكدة.
وسألته: ما تقول في الصحابة الذين قتلوا عثمان؟
فقال: إن ذلك وقع باجتهادهم، وإنهم غير مأثومين، وقد صرح أصحابنا بذلك.
فقلت: وما تقول في عائشة وطلحة والزبير وأتباعهم الذين حاربوا عليا عليه السلام (يوم الجمل)، وقتل في حربهم من الفريقين نحو ستة عشر ألفا؟
وما تقول في معاوية وأصحابه الذين حاربوا في صفين، وقتل من الفريقين (نحو) ستين ألفا؟
فقال: كالأول.
فقلت: هل جواز الاجتهاد مقر على فرقة من المسلمين دون فرقة؟
قال: لا كل أحد له صلاحية الاجتهاد.
فقلت: إذا جاز الاجتهاد في قتل أكابر الصحابة، وقتل خلفاء المؤمنين، وحرب أخي رسول الله (ص)، وابن عمه وزوج فاطمة سيدة نساء العالمين، أعلم الخلق، وأزهدهم، وأقربهم من رسول الله (ص)، ووارث علمه، الذي قام الإسلام بسيفه، ومن أثنى عليه الله ورسوله بما لا يمكن إنكاره، حتى جعله الله ولي الناس كافة بقوله تعالى: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) * (1) يعني عليا عليه السلام بالإجماع.