المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ٧٦
وأما بعد زمان الأئمة فمنهم مثل ابن بابويه، والشيخ الكليني، والشيخ المفيد، والشيخ الطوسي، والسيد المرتضى، وأخيه، وابني طاووس، والخواجة نصير الدين الطوسي، وميثم البحراني، والشيخ أبي القاسم المحقق، والشيخ جمال الدين ابن المطهر الحلي، ووله فخر المحققين، وأشباههم من المشايخ المشاهير الذين قد ملأوا الخافقين بمصنفاتهم ومباحثهم، ومن وقف عليها علم علو شأنهم، وبلوغهم مرتبة الاجتهاد وقوة الاستنباط.
وإنكار ذلك إما لتعصب أو جهل.
فقد لزمك القول بصحة مذهبنا وأرجحية من قلدناه، بل يلزم ذلك كل من وقف نفسه على جادة الإنصاف، ولا يلزمنا القول بصحة مذهبك لأنا قد شرطنا في المتبع " العصمة "، فنكون نحن الفرقة الناجية إجماعا.
وأنتم وإن لم تقولوا بصحة مذهبنا، ولكن يلزمكم ذلك بحسب قواعدكم، للدليل المسلم المقدمات عندكم، إذ سبب نجاتكم أنكم قد قلدتهم مجتهدا، وهذا بعينه حاصل لنا باعترافكم، مع ترجيحات فيمن اتبعناه لا يمكنكم إنكارها.
فبهت، ولم يجب بشئ، ولكن عدل عن سوق البحث، وقال:
إني أسألكم عن سبكم أكابر الصحابة، وأقربهم من رسول الله (ص) الذين نصروه بأموالهم وأنفسهم، حتى ظهر الدين بسيوفهم، في حياته وبعد موته، حتى فتحوا البلاد ونصروا دين الله بكل ما أمكنهم، والفتوحات التي فتحها عمر لم يقع مثلها في زمن النبي (ص)، كمصر والشام، وبيت المقدس، والروم والعراق وخراسان، وعراق العجم (1)، وتوابع ذلك مما يطول شرحه ولا يمكن إنكاره، كما لا يمكن إنكار قوته في الدين وسطوته، وشدة بأسه، وإني إذا نظرت في أدلتكم وجدتها واضحة قوية. وإذا رأيت مذهبكم سب أكابر أصحاب رسول الله (ص) وخواصه الذين سبقوا في الإسلام، وكانوا من المقربين عنده حتى تزوج بناتهم وزوجهم بناته، ومدحهم الله في كتابه بقوله: * (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء

(1) قال ابن خلكان في تأريخه: 5 / 341: عراق العجم: الفاصل بين عراق العرب وخراسان، وبلاده المشهورة هي: أصبهان وهمدان والري وزنجان.
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست