المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ٣٣
وأضف إلى ذلك أن رسول الله (ص) لعن المتخلف عن جيش أسامة: فهل يلعن رسول الله المؤمن (1)؟
قال الملك: إذن يصح كلام العلوي أنه لم يكن مؤمنا!
قال الوزير: لأهل السنة في تخلفه تأويلات (2).

(١) ورد هذا النص في الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ٢٣. والشواهد كثيرة على أن الصحابة عصوا أمر الرسول (ص) بالخروج مع جيش أسامة بل طعنوا في إمارته للجيش حتى توفي الرسول والجيش لم يتحرك من المدينة. وكان الرسول قد وضع في هذا الجيش كبار الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر عدا الإمام علي وبعض الصحابة استبقاهم إلى جواره مما يشير إلى أن الأمر كانت له دلالات وأهداف أخرى غير الهدف العسكري الذي هو موضع شك إذا ما تبين لنا أن الذي يقوده أسامة صاحب السبعة عشر ربيعا والذي لم يسبق لا قيادة جيش من قبل والمختلف على قيادته المطعون فيه والعقل لا يقبل أن يوجه الرسول (ص) مثل هذا الجيش وهو بهذه الحالة إلى الروم.
(انظر تفاصيل قصة جيش أسامة في طبقات ابن سعد ج ٢ / ١٩١. والبخاري كتاب المغازي باب مرض النبي ووفاته وباب بعث أسامة. وانظر سيرة ابن هشام وكتب التاريخ. وانظر لنا كتاب السيف والسياسة.
(٢) يقول ابن حجر العسقلاني: كان تجهيز أسامة قبل موت الرسول (ص) بيومين فندب الناس لغزو الروم.. وكان ممن انتدب مع أسامة كبار المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة. ثم اشتد على الرسول وجعه فقال: أنفذوا بعث أسامة فتكلم في ذلك قوم..
وأنكر ابن تيمية وجود أبي بكر وعمر في بعث أسامة. ورد عليه ابن حجر وأورد عدة روايات تبطل قوله (انظر فتح الباري ج ٨ / ١٥٢ شرح كتاب المغازي) وقد برر الفقهاء موقف الصحابة من بعث أسامة كما برروا من قبله موقفهم من وصية الرسول حين طلب القلم والقرطاس ليكتب كتابا يعصم الأمة من الضلال بعده..
يروى عن ابن عباس قال: يوم الخميس، وما يوم الخميس؟ اشتد الوجع برسول الله (ص) فقال ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا. فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما شأنه، أهجر استفهموه.
وفي رواية أخرى اختلفوا وتنازعوا وقالوا حسبنا كتاب الله والنبي قد غلبه الوجع..
قال ابن عباس معلقا على هذا الحدث: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب هذا الكتاب.. (انظر البخاري كتاب العلم وكتاب المرض، ومسلم كتاب الوصية ومسند أحمد ج ١ / ٣٥٥)..
وأجمع الفقهاء أن عمر بن الخطاب هو الذي تزعم جبهة الرفض لوصية الرسول. كما صرح البخاري في رواية أنه - أي عمر - هو الذي قال: ما شأنه أهجر. ومعنى أهجر: أي أفحش وهذى.
وهذا كما هو ظاهر يعد سبا للرسول (ص) وطعنا فيه..
وقد برر الفقهاء موقف عمر وجبهته من وصية الرسول ودافعوا عنه وعلى رأس هؤلاء الفقهاء ابن حجر العسقلاني والقاضي عياض والقرطبي والخطابي وابن الجوزي وابن تيمية (انظر فتح الباري ج ١ كتاب العلم باب كتابة العلم وج ٨ كتاب المغازي) وانظر لنا السيف والسياسة..
والسؤال هنا ما هي مصلحة عمر وجبهته في منع وصية الرسول؟
وهل هو أعلم من الرسول بكتاب الله وصالح الدعوة؟
وهل يجوز التطاول على النبي إلى هذا الحد وهو في فراش المرض؟
وما حكم ذلك شرعا؟
ويظهر لنا دفاع الفقهاء وتبريراتهم وتأويلاتهم لمواقف الصحابة المنحرفة عن الصراط خاصة موقف أبي بكر وعمر من نفي ابن تيمية وجود أبي بكر وعمر في جيش أسامة فهو يريد أن يخرجهما من دائرة العصيان والحرج الذي وقع فيه الرافضون لأمر الرسول بالخروج المستحقون لعنته (ص)..
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست