الآلات التي تفعل بها إلى غير ذلك، فمنها ما يغير النعم، ومنها ما ينزل النقم، ومنها ما يقطع الرجاء، ومنها ما يديل الأعداء، ومنها ما يرد الدعاء، ومنها ما يستحق بها نزول البلاء، ومنها ما يحبس غيث السماء، ومنها ما يكشف الغطاء، ومنها ما يعجل الفناء، ومنها ما يظلم الهواء، ومنها ما يورث الندم، ومنها ما تهتك العصم، ومنها ما يدفع القسم - إلى غير ذلك. وقد ذكرنا تفسير الجميع كلا في بابه.
واعلم أن جميع الذنوب منحصرة في أربعة أوجه لا خامس لها، الحرص، والحسد، والشهوة، والغضب هكذا روي عنهم (ع).
وفي الحديث: " إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها إلا الوقوف بعرفة " وهو يؤيد ما ذكرناه من التوجيه، ويمكن أن يقال أيضا أن كل واحد من تلك المناسك موجب للخروج من الذنوب، على معنى إذا لم تغفر كلها في العمل الأول ففي الثاني وإذا لم تغفر في الثاني ففي الثالث وهكذا. وفي حديث المصافحة: " لم يبق بينهما ذنب " أي غل وشحناء - قاله في المجمع.
و " الذنب " بالتحريك للفرس والطائر، والجمع: الأذناب " كالأسباب.
و " كن ذنبا ولا تكن رأسا " كنى بالرأس عن العلو الرفعة وبالذنب عن التأخر عن ذلك، والمعنى إن المتقدم محل الخطر والهلاك كالرأس الذي يخشى عليه القطع، بخلاف المتأخر فإنه كالذنب.
وذنب الناس وذنباتهم محركة:
أتباع الناس وسفلتهم، كأنهم في مقابل الرؤوس وهم المتقدمون.
ذ ه ب قوله تعالى: (إني ذاهب إلى ربي) [37 / 99] أي مهاجر إلى حيث أمرني ربي بالمهاجرة إليه من أرض الشام مثل قوله: (إرجع إلى ربك) و (عجلت إليك رب لترضى) ونحو ذلك في أن المراد بالذهاب والرجوع إلى موضع جعله الله مظهرا لفيضه، كالعرش والبيت المعمور والكعبة شرفها الله تعالى كما وردت به الرواية عنهم (ع).
قوله تعالى: (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها) [46 / 20]