لسان العرب - ابن منظور - ج ٩ - الصفحة ٢٦١
وعاف الطائر عيفانا حام في السماء، وعاف عيفا حام حول الماء وغيره، قال أبو زبيد: كأن أوب مساحي القوم فوقهم طير، تعيف على جون مزاحيف والاسم العيفة، شبه اختلاف المساحي فوق رؤوس الحفارين بأجنحة الطير، وأراد بالجون المزاحيف إبلا قد أزحفت فالطير تحوم عليها.
والعائف: المتكهن. وفي حديث ابن سيرين: أن شريحا كان عائفا، أراد أنه كان صادق الحدس والظن كما يقال للذي يصيب بظنه: ما هو إلا كاهن، وللبليغ في قوله: ما هو إلا ساحر، لا أنه كان يفعل فعل الجاهلية في العيافة.
وعاف الطائر وغيره من السوانح يعيفه عيافة: زجره، وهو أن يعتبر بأسمائها ومساقطها وأصواتها، قال ابن سيده: أصل عفت الطير فعلت عيفت، ثم نقل من فعل إلى فعل، ثم قلبت الياء في فعلت ألفا فصار عافت فالتقى ساكنان: العين المعتلة ولام الفعل، فحذفت العين لالتقائهما فصار التقدير عفت، ثم نقلت الكسرة إلى الفاء لأن أصلها قبل القلب فعلت، فصار عفت، فهذه مراجعة أصل إلا أن ذلك الأصل الأقرب لا الأبعد، ألا ترى أن أول أحوال هذه العين في صيغة المثال إنما هو فتحة العين التي أبدلت منها الكسرة؟ وكذلك القول في أشباه هذا من ذوات الياء، قال سيبويه: حملوه على فعالة كراهية الفعول، وقد تكون العيافة بالحدس وإن لم تر شيئا، قال الأزهري: العيافة زجر الطير وهو أن يرى طائرا أو غرابا فيتطير وإن لم ير شيئا فقال بالحدس كان عيافة أيضا، وقد عاف الطير يعيفه، قال الأعشى:
ما تعيف اليوم في الطير الروح من غراب البين، أو تيس برح (* قوله برح كتب بهامش الأصل في مادة روح في نسخة سنح.) والعائف: الذي يعيف الطير فيزجرها وهي العيافة. وفي الحديث:
العيافة والطرق من الجبت، العيافة: زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها، وهو من عادة العرب كثيرا وهو كثير في أشعارهم.
يقال: عاف يعيف عيفا إذا زجر وحدس وظن، وبنو أسد يذكرون بالعيافة ويوصفون بها، قيل عنهم: إن قوما من الجن تذاكروا عيافتهم فأتوهم فقالوا: ضلت لنا ناقة فلو أرسلتم معنا من يعيف، فقالوا لغليم منهم: انطلق معهم فاستردفه أحدهم ثم ساروا، فلقيهم عقاب كاسرة أحد جناحيها، فاقشعر الغلام وبكى فقالوا: ما لك؟ فقال:
كسرت جناحا، ورفعت جناحا، وحلفت بالله صراحا: ما أنت بإنسي ولا تبغي لقاحا. وفي الحديث: أن عبد الله ابن عبد المطلب أبا النبي، صلى الله عليه وسلم، مر بامرأة تنظر وتعتاف فدعته إلى أن يستبضع منها فأبى.
وقال شمر: عياف والطريدة لعبتان لصبيان الأعراب، وقد ذكر الطرماح جواري شببن عن هذه اللعب فقال:
قضت من عياف والطريدة حاجة، فهن إلى لهو الحديث خضوع وروى إسماعيل بن قيس قال: سمعت المغيرة بن
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست