لسان العرب - ابن منظور - ج ٥ - الصفحة ٥٨
تعالى في ذلك، قال أبو منصور: وكذلك أطفال قوم نوح، عليه السلام، الذين دعا على آبائهم وعليهم بالغرق، إنما الدعاء عليهم بذلك وهم أطفال لأن الله عز وجل أعلمه أنهم لا يؤمنون حيث قال له: لن يؤمن من قومك إلا من آمن، فأعلمه أنهم فطروا على الكفر، قال أبو منصور: والذي قاله إسحق هو القول الصحيح الذي دل عليه الكتاب ثم السنة، وقال أبو إسحق في قول الله عز وجل: فطرة الله التي فطر الناس عليها: منصوب بمعنى اتبع فطرة الله، لأن معنى قوله: فأقم وجهك، اتبع الدين القيم اتبع فطرة الله أي خلقة الله التي خلق عليها البشر. قال: وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة، معناه أن الله فطر الخلق على الإيمان به على ما جاء في الحديث: إن الله أخرج من صلب آدم ذريته كالذر وأشهدهم على أنفسهم بأنه خالقهم، وهو قوله تعالى: وإذ أخذ ربك من بني آدم إلى قوله: قالوا بلى شهدنا، قال: وكل مولود هو من تلك الذرية التي شهدت بأن الله خالقها، فمعنى فطرة الله أي دين الله التي فطر الناس عليها، قال الأزهري: والقول ما قال إسحق ابن إبراهيم في تفسير الآية ومعنى الحديث، قال: والصحيح في قوله: فطرة الله التي فطر الناس عليها، اعلم فطرة الله التي فطر الناس عليها من الشقاء والسعادة، والدليل على ذلك قوله تعالى: لا تبديل لخلق الله، أي لا تبديل لما خلقهم له من جنة أو نار، والفطرة: ابتداء الخلقة ههنا، كما قال إسحق. ابن الأثير في قوله: كل مولود يولد على الفطرة، قال: الفطر الابتداء والاختراع، والفطرة منه الحالة، كالجلسة والركبة، والمعنى أنه يولد على نوع من الجبلة والطبع المتهئ لقبول الدين، فلو ترك عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها، وإنما يعدل عنه من يعدل لآفة من آفات البشر والتقليد، ثم بأولاد اليهود والنصارى في اتباعهم لآبائهم والميل إلى أديانهم عن مقتضى الفطرة السليمة، وقيل: معناه كل مولود يولد على معرفة الله تعالى والإقرار به فلا تجد أحدا إلا وهو يقر بأن له صانعا، وإن سماه بغير اسمه، ولو عبد معه غيره، وتكرر ذكر الفطرة في الحديث. وفي حديث حذيفة: على غير فطرة محمد، أراد دين الإسلام الذي هو منسوب إليه. وفي الحديث: عشر من الفطرة، أي من السنة يعني سنن الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، التي أمرنا أن نقتدي بهم فيها. وفي حديث علي، رضي الله عنه: وجبار القلوب على فطراتها أي على خلقها، جمع فطر، وفطر جمع فطرة، وهي جمع فطرة ككسرة وكسرات، بفتح طاء الجميع. يقال فطرات وفطرات وفطرات. ابن سيده: وفطر الشئ أنشأه، وفطر الشئ بدأه، وفطرت إصبع فلان أي ضربتها فانفطرت دما.
والفطر للصائم، والاسم الفطر، والفطر: نقيض الصوم، وقد أفطر وفطر وأفطره وفطره تفطيرا. قال سيبويه: فطرته فأفطر، نادر. ورجل فطر. والفطر: القوم المفطرون. وقو فطر، وصف بالمصدر، ومفطر من قوم مفاطير، عن سيبويه، مثل موسر ومياسير، قال أبو الحسن: إنما ذكرت مثل هذا الجمع لأن حكم مثل هذا أن يجمع بالواو والنون في المذكر، وبالألف والتاء في المؤنث. والفطور: ما يفطر عليه، وكذلك الفطوري، كأنه منسوب إليه. وفي الحديث: إذا
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست