لسان العرب - ابن منظور - ج ٤ - الصفحة ٥٤٦
أي أتى بعذر، فجعل الاعتذار بمعنى الإعذار، والمعتذر يكون محقا ويكون غير محق، قال الفراء: اعتذر الرجل إذا أتى بعذر، واعتذر إذا لم يأت بعذر، وأنشد:
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر أي أتى بعذر. وقال الله تعالى: يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم، قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم، قل لا تعتذروا يعني أنه لا عذر لهم، والمعاذير يشوبها الكذب. واعتذر رجل إلى عمر بن عبد العزيز فقال له: عذرتك غير معتذر، يقول: عذرتك دون أن تعتذر لأن المعتذر يكون محقا وغير محق، والمعذر أيضا: كذلك. واعتذر من ذنبه وتعذر: تنصل، قال أبو ذؤيب:
فإنك منها والتعذر بعدما لججت، وشطت من فطيمة دارها وتعذر: اعتذر واحتج لنفسه، قال الشاعر:
كأن يديها، حين يفلق ضفرها، يدا نصف غيري تعذر من جرم وعذر في الأمر: قصر بعد جهد. والتعذير في الأمر:
التقصير فيه. وأعذر: قصر ولم يبالغ وهو يري أنه مبالغ.
وأعذر فيه: بالغ. وفي الحديث: لقد أعذر الله إلى من بلغ من العمر ستين سنة، أي لم يبق فيه موضعا للاعتذار، حيث أمهله طول هذه المدة ولم يعتذر. يقال: أعذر الرجل إذا بلغ أقصى الغاية في العذر. وفي حديث المقداد: لقد أعذر الله إليك أي عذرك وجعلك موضع العذر، فأسقط عنك الجهاد ورخص لك في تركه لأنه كان قد تناهى في السمن وعجز عن القتال. وفي حديث ابن عمر: إذا وضعت المائدة فليأكل الرجل مما عنده ولا يرفع يده وإن شبع وليعذر فإن ذلك يخجل جليسه، الإعذار: المبالغة في الأمر، أي ليبالغ في الأكل، مثل الحديث الآخر: إنه كان إذا أكل مع قوم كان آخرهم أكلا، وقيل: إنما هو وليعذر من التعذير التقصير أي ليقصر في الأكل ليتوفر على الباقين ولير أنه بالغ. وفي الحديث: جاءنا بطعام جشب فكنا نعذر، أي نقصر ونري أننا مجتهدون. وعذر الرجل، فهو معذر إذا اعتذر ولم يأت بعذر. وعذر: لم يثبت له عذر. وأعذر: ثبت له عذر. وقوله عز وجل: وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم، بالتثقيل، هم الذين لا عذر لهم ولكن يتكلفون عذرا. وقرئ: المعذرون بالتخفيف، وهم الذين لهم عذر، قرأها ابن عباس ساكنة العين وكان يقول: والله لكذا أنزلت. وقال: لعن الله المعذرين. قال الأزهري: ذهب ابن عباس إلى أن المعذرين الذين لهم العذر، والمعذرين، بالتشديد: الذين يعتذرون بلا عذر كأنهم المقصرون الذين لا عذر لهم، فكأن الأمر عنده أن المعذر، بالتشديد، هو المظهر للعذر اعتلالا من غير حقيقة له في العذر وهو لا عذر له، والمعذر الذي له عذر، والمعذر الذي ليس بمحق على جهة المفعل لأنه الممرض والمقصر يعتذر بغير عذر. قال الأزهري:
وقرأ يعقوب الحضرمي وحده: وجاء المعذرون، ساكنة العين، وقرأ سائر قراء الأمصار: المعذرون، بفتح العين وتشديد الذال، قال: فمن قرأ المعذرون فهو في الأصل المعتذرون فأدغمت التاء في الذال لقرب المخرجين، ومعنى المعتذرون الذين يعتذرون، كان لهم عذر أو لم يكن، وهو ههنا شبيه بأن يكون لهم عذر، ويجوز في كلام العرب المعذرون، بكسر العين، لأن الأصل المعتذرون فأسكنت التاء وأبدل منها ذال وأدغمت في الذال ونقلت حركتها إلى العين فصار الفتح في العين أولى الأشياء، ومن كسر العين
(٥٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 ... » »»
الفهرست