لسان العرب - ابن منظور - ج ٤ - الصفحة ٥٤٧
جره لإلتقاء الساكنين، قال: ولم يقرأ بهذا، قال ويجوز أن يكون المعذرون الذين يعذرون يوهمون أن لهم عذرا ولا عذر لهم. قال أبو بكر:
ففي المعذرين وجهان: إذا كان المعذرون من عذر الرجل، فهو معذر، فهم لا عذر لهم، وإذا كان المعذرون أصلهم المعتذرون فألقيت فتحة التاء على العين وأبدل منها دال وأدغمت في الذال التي بعدها فلهم عذر، قال محمد بن سلام الجمحي: سألت يونس عن قوله: وجاء المعذرون، فقلت له: المعذرون، مخففة، كأنها أقيس لأن المعذر الذي له عذر، والمعذر الذي يعتذر ولا عذر له، فقال يونس: قال أبو عمرو بن العلاء كلا الفريقين كان مسيئا جاء قوم فعذروا وجلح آخرون فقعدوا. وقال أبو الهيثم في قوله: وجاء المعذرون، قال: معناه المعتذرون. يقال: عذر يعذر عذارا في معنى اعتذر، ويجوز عذر الرجل يعذر، فهو معذر، واللغة الأولى أجودهما. قال: ومثله هدى يهدي هداء إذا اهتدى وهدى يهدي، قال الله عز وجل: أم من لا يهدي إلا أن يهدى، ومثله قراءة من قرأ يخصمون، بفتح الخاء، قال الأزهري: ويكون المعذرون بمعنى المقصرين على مفعلين من التعذير وهو التقصير.
يقال: قام فلان قيام تعذير فيما استكفيته إذا لم يبالغ وقصر فيما اعتمد عليه. وفي الحديث: أن بني إسرائيل كانوا إذا عمل فيهم بالمعاصي نهاهم أحبارهم تعذيرا فعمهم الله بالعقاب، وذلك إذا لم يبالغوا في نهيهم عن المعاصي، وداهنوهم ولم ينكروا أعمالهم بالمعاصي حق الإنكار، أي نهوهم نهيا قصروا فيه ولم يبالغوا، وضع المصدر موضع اسم الفاعل حالا، كقولهم: جاء مشيا. ومنه حديث الدعاء: وتعاطى ما نهيت عنه تعذيرا.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم، يقال: أعذر من نفسه إذا أمكن منها، يعني أنهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم، فيعذروا من أنفسهم ويستوجبوا العقوبة ويكون لمن يعذبهم عذر، كأنهم قاموا بعذره في ذلك، ويروى بفتح الياء، من عذرته، وهو بمعناه، وحقيقة عذرت محوت الإساءة وطمستها، وفيه لغتان، يقال أعذر إعذارا إذا كثرت عيوبه وذنوبه وصار ذا عيب وفساد. قال الأزهري: وكان بعضهم يقول:
عذر يعذر بمعناه، ولم يعرفه الأصمعي، ومنه قول الأخطل:
فإن تك حرب ابني نزار تواضعت، فقد عذرتنا في كلاب وفي كعب (* هذا البيت مروي سابقا في نفس الكلمة، في صورة تختلف عما هو عليه هنا، وما في هذه الصفحة يتفق وما في ديوان الأخطل).
ويروى: أعذرتنا أي جعلت لنا عذرا فيما صنعناه، وهذا كالحديث الآخر: لن يهلك على الله إلا هالك، ومنه قول الناس: من يعذرني من فلان، قال ذو الإصبع العدواني:
عذير الحي من عدوا ن، كانوا حية الأرض بغى بعض على بعض، فلم يرعوا على بعض فقد أضحوا أحاديث، برفع القول والخفض يقول: هات عذرا فيما فعل بعضهم ببعض من التباعد والتباغض والقتل ولم يرع بعضهم على بعض، بعدما كانوا حية الأرض التي يحذرها كل أحد، فقد صاروا أحاديث للناس يرفعونها ويخفضونها، ومعنى
(٥٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 ... » »»
الفهرست