لسان العرب - ابن منظور - ج ٤ - الصفحة ٣٠٤
وفي حديث عائشة:
طيبت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لإحرامه بذريرة، قال: هو نوع من الطيب مجموع من أخلاط. وفي حديث النخعي: ينثر على قميص الميت الذريرة، قيل: هي فتات قصب ما كان لنشاب وغيره، قال ابن الأثير: هكذا جاء في كتاب أبي موسى. والذرور، بالفتح: ما يذر في العين وعلى القرح من دواء يابس. وفي الحديث: تكتحل المحد بالذرور، يقال: ذررت عينه إذا دوايتها به. وذر عينه بالذرور يذرها ذرا: كحلها.
والذر: صغار النمل، واحدته ذرة، قال ثعلب: إن مائة منها وزن حبة من شعير فكأنها جزء من مائة، وقيل: الذرة ليس لها وزن، ويراد بها ما يرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة، ومنه سمي الرجل ذرا وكني بأبي ذر. وفي حديث جبير بن مطعم: رأيت يوم حنين شيئا أسود ينزل من السماء فوقع إلى الأرض فدب مثل الذر وهزم الله المشركين، الذر: النمل الأحمر الصغير، واحدتها ذرة. وفي حديث ابن عباس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن قتل النحلة والنملة والصرد والهدهد، قال إبراهيم الحربي: إنما نهى عن قتلهن لأنهن لا يؤذين الناس، وهي أقل الطيور والدواب ضررا على الناس مما يتأذى الناس به من الطيور كالغراب وغيره، قيل له: فالنملة إذا عضت تقتل، قال: النملة لا تعض إنما يعض الذر، قيل له: إذا عضت الذرة تقتل، قال: إذا آذتك فاقتلها. قال: والنملة هي التي لها قوائم تكون في البراري والخربات، وهذه التي يتأذى الناس بها هي الذر.
وذر الله الخلق في الأرض: نشرهم والذرية فعلية منه، وهي منسوبة إلى الذر الذي هو النمل الصغار، وكان قياسه ذرية، بفتح الذال، لكنه نسب شاذ لم يجئ إلا مضموم الأول. وقوله تعالى: وإذ أخذ ربك ن بني آدم من ظهورهم ذرياتهم، وذرية الرجل: ولده، والجمع الذراري والذريات. وفي التنزيل العزيز: ذرية بعضها من بعض، قال: أجمع القراء على ترك الهمز في الذرية، وقال يونس: أهل مكة يخالفون غيرهم من العرب فيهمزون النبي والبرية والذرية من ذرأ الله الخلق أي خلقهم. وقال أبو إسحق النحوي: الذرية غير مهموز، قال: ومعنى قوله: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم، أن الله أخرج الخلق من صلب آدم كالذر حين أشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، شهدوا بذلك، وقال بعض النحويين: أصلها ذرورة، هي فعلولة، ولكن التضعيف لما كثر أبدل من الراء الأخيرة ياء فصارت ذروية، ثم أدغمت الواو في الياء فصارت ذرية، قال: وقول من قال إنه فعلية أقيس وأجود عند النحويين. وقال الليث: ذرية فعلية، كما قالوا سرية، والأصل من السر وهو النكاح. وفي الحديث: أنه رأى امرأة مقتولة فقال: ما كانت هذه تقاتل، الحق خالدا فقل له: لا تقتل ذرية ولا عسيفا، الذرية: اسم يجمع نسل الإنسان من ذكر وأنثى، وأصلها الهمز لكنهم حذفوه فلم يستعملوها إلا غير مهموزة، وقيل: أصلها من الذر بمعنى التفريق لأن الله تعالى ذرهم في الأرض، والمراد بها في هذا الحديث النساء لأجل المرأة المقتولة، ومنه حديث عمر: حجوا بالذرية لا تأكلوا أرزاقها وتذروا أرباقها في أعناقها أي حجوا بالنساء، وضرب الأرباق، وهي القلائد، مثلا لما قلدت أعناقها من وجوب الحج، وقيل:
كنى بها عن الأوزار.
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست