لسان العرب - ابن منظور - ج ١ - الصفحة ٢٢٩
من يرفعه، وفيه مع ذلك معنى النصب، كما أن في قولهم: رحمة الله عليه، معنى رحمه الله. وفي الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: تنكح المرأة لميسمها ولمالها ولحسبها فعليك بذات الدين تربت يداك. قال أبو عبيد : قوله تربت يداك، يقال للرجل، إذا قل ماله: قد ترب أي افتقر، حتى لصق بالتراب.
وفي التنزيل العزيز: أو مسكينا ذا متربة. قال: ويرون، والله أعلم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يتعمد الدعاء عليه بالفقر، ولكنها كلمة جارية على ألسن العرب يقولونها، وهم لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر بها. وقيل: معناها لله درك ، وقيل: أراد به المثل ليرى المأمور بذلك الجد، وأنه إن خالفه فقد أساء، وقيل: هو دعاء على الحقيقة، فإنه قد قال لعائشة، رضي الله عنها: تربت يمينك، لأنه رأى الحاجة خيرا لها.
قال: والأول الوجه. ويعضده قوله في حديث خزيمة، رضي الله عنه: أنعم صباحا تربت يداك، فإن هذا دعاء له وترغيب في استعماله ما تقدمت الوصية به. ألا تراه قال: أنعم صباحا، ثم عقبه بتربت يداك. وكثيرا ترد للعرب ألفاظ ظاهرها الذم وإنما يريدون بها المدح كقولهم: لا أب لك، ولا أم لك، وهوت أمه، ولا أرض لك، ونحو ذلك. وقال بعض الناس: إن قولهم تربت يداك يريد به استغنت يداك. قال: وهذا خطأ لا يجوز في الكلام، ولو كان كما قال لقال: أتربت يداك. يقال أترب الرجل، فهو مترب، إذا كثر ماله ، فإذا أرادوا الفقر قالوا: ترب يترب.
ورجل ترب: فقير. ورجل ترب: لازق بالتراب من الحاجة ليس بينه وبين الأرض شئ.
وفي حديث أنس، رضي الله عنه: لم يكن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سبابا ولا فحاشا. كان يقول لأحدنا عند المعاتبة: ترب جبينه. قيل: أراد به دعاء له بكثرة السجود. وأما قوله لبعض أصحابه: ترب نحرك، فقتل الرجل شهيدا ، فإنه محمول على ظاهره.
وقالوا: التراب لك، فرفعوه، وإن كان فيه معنى الدعاء، لأنه اسم وليس بمصدر، وليس في كل شئ من الجواهر قيل هذا. وإذ امتنع هذا في بعض المصادر.
فلم يقولوا: السقي لك، ولا الرعي لك، كانت الأسماء أولى بذلك. وهذا النوع من الأسماء، وإن ارتفع، فإن فيه معنى المنصوب. وحكى اللحياني: التراب للأبعد. قال: فنصب كأنه دعاء. والمتربة: المسكنة والفاقة. ومسكين ذو متربة أي لاصق بالتراب.
وجمل تربوت: ذلول، فإما أن يكون من التراب لذلته، وإما أن تكون التاء بدلا من الدال في دربوت من الدربة، وهو مذهب سيبويه، وهو مذكور في موضعه. قال ابن بري: الصواب ما قاله أبو علي تربوت أن أصله دربوت من الدربة، فأبدل من الدال تاء، كما أبدلوا من التاء دالا في قولهم دولج وأصله تولج، ووزنه تفعل من ولج، والتولج: الكناس الذي يلج فيه الظبي وغيره من الوحش. وقال اللحياني: بكر تربوت: مذلل، فخص به البكر، وكذلك ناقة تربوت. قال: وهي التي إذا أخذت بمشفرها أو بهدب عينها تبعتك.
قال وقال الأصمعي: كل ذلول من الأرض وغيرها تربوت، وكل هذا من التراب، الذكر والأنثى فيه سواء.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حرف الهمزة فصل الهمزة 23
2 فصل الباء الموحدة 25
3 فصل التاء المثناة فوقها 39
4 فصل الثاء المثلثة 40
5 فصل الجيم 41
6 فصل الحاء المهملة 53
7 فصل الخاء المعجمة 62
8 فصل الدال المهملة 69
9 فصل الذال المعجمة 79
10 فصل الراء 81
11 فصل الزاي 90
12 فصل السين المهملة 92
13 فصل الشين المعجمة 99
14 فصل الصاد المهملة 107
15 فصل الضاد المعجمة 110
16 فصل الطاء المهملة 113
17 فصل الظاء المعجمة 116
18 فصل العين المهملة 117
19 فصل الغين المعجمة 119
20 فصل الفاء 119
21 فصل القاف 127
22 فصل الكاف 136
23 فصل اللام 150
24 فصل الميم 154
25 فصل النون 161
26 فصل الهاء 179
27 فصل الواو 189
28 فصل الياء المثناة تحتها 202
29 حرف الباء فصل الهمزة 204
30 فصل الباء الموحدة 221
31 فصل التاء المثناة فوقها 225
32 فصل الثاء المثلثة 234
33 فصل الجيم 248
34 فصل الحاء المهملة 288
35 فصل الخاء المعجمة 341
36 فصل الدال المهملة 368
37 فصل الذال المعجمة 377
38 فصل الراء 398
39 فصل الزاي المعجمة 443
40 فصل السين المهملة 454
41 فصل الشين المعجمة 479
42 فصل الصاد المهملة 514
43 فصل الضاد المعجمة 538
44 فصل الطاء المهملة 553
45 فصل الظاء المعجمة 568
46 فصل العين المهملة 572
47 فصل الغين المعجمة 634
48 فصل الفاء 657
49 فصل القاف 657
50 فصل الكاف 694
51 فصل اللام 729
52 فصل الميم 747
53 فصل النون 747
54 فصل الهاء 778
55 فصل الواو 791
56 فصل الياء المثناة تحتها 805