العظيم مصيبته.
فقال له معاوية: يا أحنف! لقد أغضيت العين على القذى، وقلت بغير ما ترى، وأيم الله لتصعدن المنبر فلتلعنه طوعا أو كرها، فقال له الأحنف: يا أمير المؤمنين! إن تعفني فهو خير لك، وإن تجبرني على ذلك فوالله لا تجري به شفتاي أبدا، قال: قم فاصعد المنبر.
قال الأحنف: أما والله مع ذلك لأنصفنك في القول والفعل.
قال: وما أنت قائل يا أحنف إن أنصفتني؟
قال: أصعد المنبر، فأحمد الله بما هو أهله، وأصلي على نبيه (صلى الله عليه وآله)، ثم أقول:
أيها الناس، إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن عليا، وإن عليا ومعاوية اختلفا فاقتتلا، وادعى كل واحد منهما أنه بغي عليه وعلى فئته؛ فإذا دعوت فأمنوا رحمكم الله. ثم أقول:
اللهم العن أنت وملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه، والعن الفئة الباغية، اللهم العنهم لعنا كثيرا. أمنوا رحمكم الله!
يا معاوية! لا أزيد على هذا ولا أنقص منه حرفا ولو كان فيه ذهاب نفسي.
فقال معاوية: إذن نعفيك يا أبا بحر (1).
6418 - عيون الأخبار عن السكن: كتب الحسين بن علي رضي الله عنهما إلى الأحنف يدعوه إلى نفسه فلم يرد الجواب، وقال: قد جربنا آل أبي الحسن، فلم نجد عندهم إيالة (2) للملك، ولا جمعا للمال، ولا مكيدة في الحرب (3).