المقتضي للحب والبغض من المصلحة والمفسدة، وأما فعلية الحب والبغض - أيضا - فغير لازمة جدا.
وبعبارة أخرى: الذي يوجب الإيجاب والتحريم إنما هو وجود ذات المصلحة والمفسدة من غير توقف على تأثيرهما في الحب والبغض الفعليين - أيضا - فربما تؤثران في الأمر والنهي، ولا تؤثران في الحب والبغض معا، بل تؤثر إحداهما في أحدهما () لأجل مانع من تأثير الأخرى في الآخر كاتحاد موردهما، أي مورد الحب والبغض كما في المقام.
وبعبارة ثالثة أوضح: أن الأمر والنهي ليسا معلولين للحب والبغض بأن يكون المؤثر فيهما هما، ويكون المؤثر في ذينك المصلحة والمفسدة فيتوقف صدورهما على تأثير المصلحة والمفسدة في ذينك لذلك، إذ عليه يلزم من صدورهما بدون تحقق الحب والبغض وجودهما بدون العلة الموجدة لهما، ولا مشاركين معهما () في العلة - أيضا - حتى يكون انتفاؤهما أو انتفاء أحدهما ملازما لانتفاء أحدهما أو كليهما، بل هما بالنسبة إليهما من قبيل أمرين مشتركين في المقتضي لهما، المتوقف تأثيره في أي واحد منهما على عدم مانع من تأثيره فيه، فكل واحد من المصلحة والمفسدة يتوقف - في تأثيره الحب أو الأمر أو البغض أو النهي - على عدم مانع في المورد من تأثيرهما، فربما يوجد مانع من تأثيرهما في الحب والبغض دون المانع من تأثيرهما في الأمر والنهي، ولما لم يكن تناف بين نفس الأمر والنهي مطلقا فالمفروض () انتفاء التنافي بينهما - في المقام - من جهة اللوازم - أيضا - نظرا إلى أن الحب والبغض وإن كانا متنافيين لكنهما ليسا ملازمين لهما، وأن التنافي بينهما بالنظر إلى المكلف قد مر عدمه فيما نحن فيه بالاختلاف بينهما