4305 - الأمالي للصدوق عن عروة بن الزبير: كنا جلوسا في مجلس في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فتذاكرنا أعمال أهل بدر وبيعة الرضوان، فقال أبو الدرداء: يا قوم!
ألا أخبركم بأقل القوم مالا، وأكثرهم ورعا، وأشدهم اجتهادا في العبادة، قالوا: من؟ قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام).
قال: فوالله إن كان في جماعة أهل المجلس إلا معرض عنه بوجهه، ثم انتدب له رجل من الأنصار فقال له: يا عويمر! لقد تكلمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها.
فقال أبو الدرداء: يا قوم، إني قائل ما رأيت، وليقل كل قوم منكم ما رأوا، شهدت علي بن أبي طالب (عليه السلام) بشويحطات النجار وقد اعتزل عن مواليه واختفى ممن يليه، واستتر بمغيلات النخل، فافتقدته وبعد علي مكانه، فقلت: لحق بمنزله، فإذا أنا بصوت حزين ونغمة شجي، وهو يقول: إلهي كم من موبقة حملت عني فقابلتها بنعمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري، وعظم في الصحف ذنبي؛ فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك. فشغلني الصوت، واقتفيت الأثر، فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعينه، فاستترت له وأخملت الحركة، فركع ركعات في جوف الليل الغابر، ثم فزع إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى. فكان مما ناجى به الله أن قال:
إلهي أفكر في عفوك؛ فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك؛ فتعظم علي بليتي، ثم قال: آه إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها، وأنت محصيها، فتقول: خذوه!! فياله من مأخوذ، لا تنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته، يرحمه الملأ إذا أذن فيه بالنداء، ثم قال: آه من نار تنضج الأكباد والكلى، آه من نار نزاعة