4304 - الأمالي للصدوق عن الأصبغ بن نباتة: دخل ضرار بن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي سفيان فقال له: صف لي عليا. قال: أوتعفيني، فقال: لا، بل صفه لي، فقال له ضرار: رحم الله عليا! كان والله فينا كأحدنا؛ يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، ويقربنا إذا زرناه، لا يغلق له دوننا باب، ولا يحجبنا عنه حاجب، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا، لا نكلمه لهيبته، ولا نبتديه لعظمته، فإذا تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم.
فقال معاوية: زدني من صفته، فقال ضرار: رحم الله عليا! كان والله طويل السهاد، قليل الرقاد، يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار، ويجود لله بمهجته، ويبوء إليه بعبرته، لا تغلق له الستور، ولا يدخر عنا البدور، ولا يستلين الاتكاء، ولا يستخشن الجفاء، ولو رأيته إذ مثل في محرابه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وهو قابض على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، وهو يقول: يا دنيا! إلي تعرضت أم إلي تشوقت؟ هيهات هيهات، لا حاجة لي فيك، أبنتك ثلاثا لا رجعة لي عليك، ثم يقول: واه واه لبعد السفر، وقلة الزاد، وخشونة الطريق.
قال: فبكى معاوية وقال: حسبك يا ضرار، كذلك كان والله علي! رحم الله أبا الحسن! (1)