ودفنها. وما أروع كلام الخليل بن أحمد وأبلغه في الإمام حين قال:
" ما أقول في حق امرئ كتمت مناقبه أولياؤه خوفا، وأعداؤه حسدا، ثم ظهر ما بين الكتمين ما ملأ الخافقين؟! " (1).
نزر يسير نذكره هنا من تضاعيف النصوص الدينية المأثورة عن الفريقين؛ إذ لا يسعنا الإحاطة بصفات شخصية كشخصية علي (عليه السلام)؛ تلك الشخصية المتفردة التي لا مثيل لها في الإيمان والعلم والخلق والفتوة والشجاعة والرحمة. بل لا نجد إنسانا يحمل بين جنباته خصائص متضادة - لا تجمع في شخص عادة - كعلي إذا نظر إلى العدو وصاح به في ساحات الوغى ارتعدت فرائصه وبلغ قلبه حنجرته، ولم يجرؤ أقرانه على منازلته. وإذا نظر إلى دموع اليتيم مترقرقة في عينيه، أو أبصر من حنا الدهر ظهره اهتز قلبه وجرت دموعه... فلذا عرف بأنه " جامع الأضداد "!
إنه العديم النظير في التاريخ كله، وفي جميع الميادين؛ فهو المعجزة الكبرى للإسلام ولرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكيف لا يكون كذلك وقد تكفلته النبوة واحتضنته الرسالة في حجر هذا الرسول العظيم، وهو الفاني في جمال الحق. لكنه - مع كل ذلك - كيف كان يرى نفسه في مقابل النبي (صلى الله عليه وآله)؟ نجد ذلك في جوابه (عليه السلام) لما عجب أحدهم مرة من علمه الزاخر ومعرفته العميقة حتى ظن أنه هو رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له الإمام علي (عليه السلام): " أنا عبد من عبيد محمد " (2).
كان (عليه السلام) منذ الأيام الأولى لحياته رفيق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعضده، وكم يأسر