فانصرف القوم غيري، واشتد البكاء من منزله فبكيت فخرج الحسن (عليه السلام) فقال:
ألم أقل لكم انصرفوا. فقلت: لا والله يا بن رسول الله، ما تتابعني نفسي، ولا تحملني رجلي أن أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين صلوات الله عليه. قال:
فتلبث، فدخل، ولم يلبث أن خرج فقال لي: ادخل، فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فإذا هو مستند، معصوب الرأس بعمامة صفراء، قد نزف وأصفر وجهه، ما أدري وجهه أصفر أم العمامة، فأكببت عليه فقبلته وبكيت، فقال لي:
لا تبك يا أصبغ؛ فإنها والله الجنة، فقلت له: جعلت فداك، إني أعلم والله أنك تصير إلى الجنة، وإنما أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين (1).
2972 - بحار الأنوار عن محمد ابن الحنفية: بتنا ليلة عشرين من شهر رمضان مع أبي وقد نزل السم إلى قدميه، وكان يصلي تلك الليلة من جلوس، ولم يزل يوصينا بوصاياه ويعزينا عن نفسه ويخبرنا بأمره وتبيانه إلى حين طلوع الفجر، فلما أصبح استأذن الناس عليه، فأذن لهم بالدخول، فدخلوا عليه وأقبلوا يسلمون عليه، وهو يرد عليهم السلام، ثم قال: أيها الناس اسألوني قبل أن تفقدوني، وخففوا سؤالكم لمصيبة إمامكم، قال: فبكى الناس عند ذلك بكاء شديدا، وأشفقوا أن يسألوه تخفيفا عنه، فقام إليه حجر بن عدي الطائي وقال:
فيا أسفى على المولى التقي * أبو (2) الأطهار حيدرة الزكي قتله كافر حنث زنيم * لعين فاسق نغل شقي فيلعن ربنا من حاد عنكم * ويبرأ منكم لعنا وبي