وبعد مدة ترك (عليه السلام) مكة قاصدا يثرب ومعه الفواطم؛ أمه فاطمة بنت أسد، والسيدة فاطمة الزهراء، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب. فعلمت قريش بذلك، وعزمت على منعه فبعثت ببعض فرسانها خلفه، بيد أنهم اصطدموا بموقفه الشجاع الجرئ ورجعوا خائبين (1). وكان النبي (صلى الله عليه وآله) ينتظره في " قبا "، حتى إذا لحق به، توجهوا نحو يثرب (2).
116 - الأمالي للطوسي عن أنس: لما توجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الغار ومعه أبو بكر أمر النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) أن ينام على فراشه ويتوشح ببردته، فبات علي (عليه السلام) موطنا نفسه على القتل، وجاءت رجال قريش من بطونها يريدون قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما أرادوا أن يضعوا عليه أسيافهم لا يشكون أنه محمد (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: أيقظوه ليجد ألم القتل ويرى السيوف تأخذه، فلما أيقظوه ورأوه عليا (عليه السلام) تركوه وتفرقوا في طلب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأنزل الله عز وجل: (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) (3).
117 - تاريخ اليعقوبي: أجمعت قريش على قتل رسول الله، وقالوا: ليس له اليوم أحد ينصره وقد مات أبو طالب، فأجمعوا جميعا على أن يأتوا من كل قبيلة بغلام نهد (4)، فيجتمعوا عليه، فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد، فلا يكون لبني هاشم قوة بمعاداة جميع قريش.