حيث يستشف من هذا الخبر أن أبا بكر كان يعرف قضية " إنذار العشيرة " ويعلم ويعترف بها ويراها حجة. وأصل هذه الحادثة وطرح الدعوى بالشكل المذكور يثير التساؤل؛ فالنقطة التي لم يلتفت إليها هي: لماذا رجع الإمام (عليه السلام) وعمه العباس إلى الخليفة؟ وهل هذا الخلاف صحيح من أساسه؟ فقد كان للنبي (صلى الله عليه وآله) عند وفاته بنت، وزوجات أيضا، فلا نصيب للعم وابن العم حتى يدعيا الإرث... ومن الواضح أن أمواله (صلى الله عليه وآله) تؤول إلى بنته الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وبعد استشهادها تنتقل إلى أولادها، فأصل ادعاء العباس بن عبد المطلب لا يصح، فلم ادعى ذلك إذن وتحاكم إلى الخليفة؟
نقل عن أبي رافع أن العباس قال لأبي بكر بعد كلامه المذكور:
" فما أقعدك مجلسك هذا؟ تقدمته وتأمرت عليه! فقال أبو بكر: أغدرا يا بني عبد المطلب! " (1).
نفهم من هذا النص أن العباس قد افتعل بذكاء هذا الموضوع، ليذكر أبا بكر بمن هو أهل للخلافة، وينبزه بابتزازها. ومثل هذه التصرفات كانت تنتشر وتشتهر بسرعة لمكانة العباس ومنزلته. وهكذا أيضا كان حوار عبد الله بن عباس وعمر بن الخطاب؛ فقد ذكر ابن عباس عمر بأهلية الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) للخلافة، فغضب عمر، وقال:
" إليك يا بن عباس! أتريد أن تفعل بي كما فعل أبوك وعلي مع أبي بكر يوم دخلا عليه؟ " (2).