الفصل الرابع عشر عروج النبي من صدر الوصي كانت الأيام الأخيرة من عمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أياما عجيبة، فقد كانت لعلي (عليه السلام) أياما حافلة بالغموم، زاخرة بالآلام، مليئة بالمتاعب والمحن، وكانت للساسة آنذاك أيام عمل، ومثابرة وتخطيط للاستحواذ على الخلافة وسعي لرسم السياسة القادمة، وتفكير بالغد وبما يليه...
أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتجهيز الجيش لحرب الروم، فتعبأ الجيش وفيه وجوه بارزة، وعقد (صلى الله عليه وآله) اللواء بنفسه ودفعه إلى أسامة بن زيد. وكان صغر سنه قد شكل ذريعة بأيدي الساسة للاعتراض عليه إخفاء للبواعث الحقيقية التي كانت تدفعهم إلى التلكؤ والتباطؤ في الحركة في وقت كان النبي (صلى الله عليه وآله) على فراش المرض يعاني من الحمى. ولما علم بتثاقلهم قام من فراشه، وتوجه نحو المسجد بجسم محموم ورأس معصوب، وأنبأ المسلمين بالتبعات الذميمة الشاذة لفتورهم وتقاعسهم، ثم قال: " أنفذوا جيش أسامة " (1). بيد أن ساسة الدنيا حالوا دون الإنفاذ من