المتشابكة، فالنهار سيقابل المساء وهو غير المقابل المنطقي للنهار أي الليل ومن هنا تبدو خصوصية منطق القصيدة الذي يجعل هذا المساء يركض كالبحر وفق العلاقة التي ذكرناها (العلاقة بين الأشياء التي لا علاقة بينها) لتتولد معان جديدة ويحتدم الجدل المتفلسف فيعرو التأمل الفلسفي شئ من منطق الشعر بأسئلة لها ملامح الطفولة التي ترجع الفلسفة إلى بداياتها، فتبدأ جدلية العناصر الأربعة (الماء، التراب، النار، الهواء) فعندما يمر المساء تمر خلف خطاه النجوم التي يشكلها الشاعر كشجرة لها نسغ يزهر فيه الضوء فتبتل السماوات بالبريق في علاقة بين الماء والنار عبر البلل وهو من خصائص فعل الماء، وبين البريق وهو من خصائص فعل النار، وبعد ذلك أراد المساء أن ينهض لكن كالبحر أيضا فمد مداه الغريق، والمدى من خصائص الأرض فعندما ابتلت السماوات بالبريق كان نصيب الأرض الغرق في شكل مدى المساء، هذا على مستوى المعاني، أما المباني فسيكون هناك تقابل بين (ليركض كالبحر مر المساء) مع (لينهض كالبحر مد المساء) هناك نظام تقفية داخلي مغاير لنظام التقفية التقليدي مع النظر إلى العلاقة في الجناس الناقص بين الفعلين (مر) و (مد) بنفس الفاعل (المساء) مع استخدام نظام تقفية خارجي في (البريق - الغريق) في شكل من الزوميات التي لو تواصلت لأورد الشاعر مثلا لفظتي (الحريق - الطريق) اللتين جاء بهما الشاعر في صيغة الجمع ليكسر نظام التقفية لكنهما علقا في اللاشعور فتداعتا تداعا حرا في المقطع اللاحق (وألغى حرائقه السود في الطرقات) طرائق جهنمية سوداء تجعل المساء يتساءل أسئلة مصيرية مندهشة اثر الإلغاء وما تبعه من غلغلة الومض ومفاجأته... وينتهي المقطع.
المقطع الثاني حركة دورانية للغبار وهو من جهة معادل للمساء ومن جهة