الأستاذ فرات الأسدي مشيئة الدم قصيدة عمودية في ظاهرها فقط، أما جوها وبناؤها ولغتها وصورها وتراكيب جملها فهي برزخية الانتماء تتقاطع مع التراث والمعاصرة في مفترقات وملتقيات عدة لتبرز هويتها غير المنحازة وغير المتعينة على وجه الدقة، وهي قصيدة خروج على السائد في كل محاورها وخصوصا على الثوابت النحوية - التي لفرات الأسدي رسوخ طويل بها - فهي تقفز منذ صدر البيت الأول فوق المعايير لتلجئ المتلقي إلى التأويل والتمحل لما هو بين شارحتين - حلمه العجبا - فلا يصل إلى شئ، ويتأكد هذا القفز فوق الثوابت النحوية في مشاكسات ومحاولات للخروج الواعي أو هي على الأقل إشعار بذلك، مما ينبئ أن الشاعر يضيق ذرعا بالمعيارية التي تمتد ضاغطة على الرؤى غير المتشكلة بعد، وعلى القواعد التي تحاصر فضاءه وهو (فضاء قصي اللمح) فهو يفرض الحيرة على المتلقي مثلا في من ينحر الماء من يخنق شواطئه؟ * والنهر مد يديه نحوه.. وأبى فهل (من) استفهامية أم شرطية وكيف جزمت الفعلين؟ إن التعمد والقصدية واضحان في التجاوز ونضيف إلى ذلك ما يمكن أن نسميه ب (ازدحام الأفعال) كظاهرة بارزة في القصيدة حتى وصل عدد الأفعال المستخدمة في بيت واحد إلى خمسة أفعال:
رأيت فيما رأيت الدهشة انكسرت * وخضبت جسدا للمستحيل كبا