وقد صبروا للطعن والضرب جسرا * وقد نازلوا لو أن ذلك نافع (3) وقد قال بعض المؤرخين يصف قتالهم يوم العاشر من المحرم: وقاتلوهم حتى انتصف النهار أشد قتال خلقه الله (1).
الامر الذي يدل على صدق نياتهم وشدة وثباتهم، وناهيك عن شهادة أعدائهم لهم بذلك، قيل لرجل شهد الطف مع ابن سعد: ويحك أقتلتم ذرية الرسول؟!
فقال: عضضت بالجندل، إنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا، ثارت علينا عصابة أيديها على مقابض سيوفها كالأسود الضارية تحطم الفرسان يمينا وشمالا تلقي نفسها على الموت، لا تقبل الأمان ولا ترغب في المال ولا يحول حائل بينها وبين المنية أو الاستيلاء على الملك، فلو كففنا عنها رويدا لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها فما كنا فاعلين لا أم لك (3)!!
ووصفهم بعضهم بقوله: لقوا جبال الحديد، واستقبلوا الرماح بصدورهم، والسيوف بوجوههم وهم يعرض عليهم الأمان والأموال فيأبون ويقولون: لا عذر لنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن قتل الحسين (عليه السلام) ومنا عين تطرف، حتى قتلوا حوله (4) فبعد هذا تعرف أن هؤلاء الصفوة هم الذين استبقاهم الحسين (عليه السلام) وانتقاهم من بين أولئك الطامعين أو الخائفين، فهو لا يقبل كل من وفد عليه ما لم يكن مؤهلا، فهذا عبيد الله بن الحر لما دعاه الحسين إلى نصرته ليمحو بها ذنوبه الكثيرة