وحصتها بالسلطة، ومنافعها الحاصلة والمأمولة، وتنظر هذه الأكثرية إلى النبي - أي نبي -، أو المصلح - أي مصلح - على أساس أنه جاء ليسلبها مكتسباتها بدعاوى موهومة!!! وربما كانت هذه الأسباب وراء المواقف المخجلة لكل أكثرية من أكثريات الأمم التي كذبت أنبياءها، ورسلها، والمصلحين المشفقين عليها، ووقفت مع طاغيتها ضدهم، علاوة على حالة القسر الاجتماعي التي يخلقها الانسياق أو التوجه العام.
الأقلية ومواجهة الأكثرية:
الذين آمنوا من كل أمة أقلية، حقا، أقلية لا يتجاوزون أصابع اليدين، فماذا عسى هذه الأقلية أن تفعل لمواجهة أكثرية تتكون من الآلاف أو عشرات الآلاف أو مئات الآلاف، إن مواجهة مسلحة تسعى إليها القلة المؤمنة هي بمثابة انتحار حقيقي، ستؤدي إلى قتل النبي وإبادة الذين آمنوا معه لتخلو الساحة كليا وتبقى للأكثرية المجرمة، من هنا ابتعد كل نبي من الأنبياء وكل رسول من الرسل وكل أقلية من الأقليات التي آمنت بكل واحد منهم عن المواجهة المسلحة مع الأكثرية الفاسدة. وبالوقت نفسه الذي بقي فيه كل نبي متمسكا بالإعلان عن عدم شرعية نظام الأكثرية، وفساد قيم هذه الأكثرية، مع الاستمرار بحملة الإصلاح، واقتصر دور الأقلية على تصديق الرسول أو النبي والإيمان به، وموالاته، والسعي السري لنشر مبادئه لمن يتقبلها!!
الله في مواجهة الأكثرية:
عندما وقفت الأكثرية من كل أمة ضد نبيها، ومن معه، وكذبته، وعزلته عزلا اجتماعيا كاملا، ونفرت منه، وقاومت دعوته لإصلاح الفساد المتفشي في أوساط تلك الأكثرية، وحالت بينه وبين كشف الحقائق عندما فعلت كل ذلك; فقد أجرمت حقا ولا بد من أن ينال المجرم عقابه العاجل، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى تولى أمر مواجهتهم بوسائله وجنوده، فأهلك الأكثرية الفاسدة من قوم نوح، وعاد، وفرعون، وثمود، وقوم لوط، وأصحاب الأيكة، وبالطرق التي بينها