مجموعة هذه الأمور أماتت الشعور بالانتماء للأمة، والإحساس العام، وخلقت حالة من التقوقع على الذات، ومن الشعور بالانفصال العملي التام عن المجتمع. فانتصارات المجتمع العسكرية تقابل بالفتور، وهزائمه تقابل بقليل من الأسف. صحيح أن الأمة كانت تعرف الحق من الباطل ولكن لا حوافز لديها ولا رغبة بنصرة الحق، أو محاربة الباطل!! إنها تتمنى أن ينتصر الحق، وأن يهزم الباطل ولكن ليست لدى أي فرد من أفراد الرعية العزيمة والرغبة للاشتراك بنصرة الحق أو هزيمة الباطل وهو مقتنع أن في يوم من الأيام سيأتي غيره فينصر الحق أو يهزم الباطل دون أن يكلفه عناء المواجهة!! كان هذا الشعور بالتواكل سائدا عند الرجال والنساء ولكن بنسب متفاوتة. قال الطبري في تاريخه: " إن المرأة كانت تأتي ابنها وأخاها فتقول: " انصرف، الناس يكفونك، ويجئ الرجل إلى ابنه وأخيه فيقول غدا يأتيك أهل الشام " (1).
بهذا المناخ المعقد مات معاوية، وخلفه يزيد، وامتنع الإمام الحسين عن البيعة فاضطر حفاظا على حياته وموقفه للخروج..
موقف الأمة الإسلامية من خروج الحسين موقف الأكثرية الساحقة:
لم يقف يزيد بن معاوية وحده في وجه الإمام الحسين وأهل بيت النبوة، إنما وقفت مع يزيد ابن معاوية واستنكرت موقف الإمام الحسين وأهل بيت النبوة مجموعة من القوى الكبرى التي كانت تكون رعايا دولة الخلافة أو ما عرف باسم " الأمة الإسلامية " وهذه القوى هي:
1 - بطون قريش ال 23 وأحابيشها وموالوها وهي القوة نفسها التي كذبت النبي وقاومته وتآمرت على قتله، وحاربته 21 عاما حتى أحاط بها النبي فاستسلمت واضطرت مكرهة لإعلان إسلامها وهي تخفي في صدورها غير