"... فإن نزل حسين وأصحابه على حكمي فابعث بهم إلي سلما وإن أبو فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم!! فإن قتل حسين فأوطئ الخيل صدره وظهره..... فإن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع، وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فإنا قد أمرناه بذلك " (1) وقد روى الطبري أن عبيد الله بن زياد كتب إلى عمر بن سعد: " أما بعد فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء ولا يذوقوا منه قطرة كما صنع بالتقي، الزكي، المظلوم، أمير المؤمنين، عثمان بن عفان " (2) فهل يعقل أن يعطي عبيد الله بن زياد أوامر خطية بهذه الخطورة دون علم ومباركة سيده وقائده الأعلى يزيد بن معاوية!!.
ثم هل يعقل بأن يعلن ابن زياد التعبئة العامة في ولاية مثل العراق دون علم الخليفة يزيد بن معاوية ومباركته!! قال البلاذري في " أنساب الأشراف ": إن ابن زياد جمع الناس وخطبهم قائلا: " فلا يبقين رجل من العرفاء، والمناكب، والتجار، والسكان، إلا خرج فعسكر معي، وأيما رجل وجدناه بعد يومنا هذا متخلفا عن العسكر برئت منه الذمة " وروى البلاذري أيضا: أن ابن زياد رتب بينه وبين عسكر عمر بن سعد خيلا مضمرة مقدمة فكان خبر ما قبله يأتيه في كل الأوقات (3).
فإذا كان بإمكان عبيد الله بن زياد أن يجعل بينه وبين عمر بن سعد خيلا مضمرة تأتيه بأخباره في كل وقت، أليس بإمكان الخليفة أن تكون له مثل هذه الخيل بينه وبين عمر بن سعد؟ ثم إن كتب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد التي سبقت الإشارة إليها تفصح عن حقيقة موقفه النهائي.
ثم إنه بعد انتهاء المجزرة في كربلاء لم يوجه يزيد بن معاوية لعبيد الله بن زياد كلمة لوم واحدة، بل على العكس أثنى عليه ومكن له في الأرض!!!.