كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٤٨
"... فإن نزل حسين وأصحابه على حكمي فابعث بهم إلي سلما وإن أبو فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم!! فإن قتل حسين فأوطئ الخيل صدره وظهره..... فإن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع، وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فإنا قد أمرناه بذلك " (1) وقد روى الطبري أن عبيد الله بن زياد كتب إلى عمر بن سعد: " أما بعد فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء ولا يذوقوا منه قطرة كما صنع بالتقي، الزكي، المظلوم، أمير المؤمنين، عثمان بن عفان " (2) فهل يعقل أن يعطي عبيد الله بن زياد أوامر خطية بهذه الخطورة دون علم ومباركة سيده وقائده الأعلى يزيد بن معاوية!!.
ثم هل يعقل بأن يعلن ابن زياد التعبئة العامة في ولاية مثل العراق دون علم الخليفة يزيد بن معاوية ومباركته!! قال البلاذري في " أنساب الأشراف ": إن ابن زياد جمع الناس وخطبهم قائلا: " فلا يبقين رجل من العرفاء، والمناكب، والتجار، والسكان، إلا خرج فعسكر معي، وأيما رجل وجدناه بعد يومنا هذا متخلفا عن العسكر برئت منه الذمة " وروى البلاذري أيضا: أن ابن زياد رتب بينه وبين عسكر عمر بن سعد خيلا مضمرة مقدمة فكان خبر ما قبله يأتيه في كل الأوقات (3).
فإذا كان بإمكان عبيد الله بن زياد أن يجعل بينه وبين عمر بن سعد خيلا مضمرة تأتيه بأخباره في كل وقت، أليس بإمكان الخليفة أن تكون له مثل هذه الخيل بينه وبين عمر بن سعد؟ ثم إن كتب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد التي سبقت الإشارة إليها تفصح عن حقيقة موقفه النهائي.
ثم إنه بعد انتهاء المجزرة في كربلاء لم يوجه يزيد بن معاوية لعبيد الله بن زياد كلمة لوم واحدة، بل على العكس أثنى عليه ومكن له في الأرض!!!.

(١) راجع الكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٤ ص ٢٣.
(٢) راجع معالم المدرستين ج ٣ ص ٨٦ كما نقلها عن الطبري.
(٣) راجع أنساب الأشراف للبلاذري ترجمة الحسين.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327