كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٥٧
معاوية يصب في النهاية بحوض مطامعهم الضيقة، فاستحسنوا فعله، وعبروا عن هذا الاستحسان بالسكوت " لأن السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان " كما يقول ذلك علماء البلاغة.
ليفخروا بالمنكر ولا فخر به!!:
ليفخر وجهاء وعقلاء الأمة الإسلامية، وأكثريتها الساحقة بأنهم لم يأمروا بمعروف، ولا نهوا عن منكر، ولا سمعوا من الفئتين، فحددوا من هي الباغية؟
ولا حتى حجزوا وإنما شاهدوا المذبحة وتابعوها من أولها إلى آخرها دون أن يحركوا ساكنا، أو يوجهوا كلمة لوم واحدة للخليفة الطاغية، بل مضوا في طاعته!! ألا بعدا لهذه الوجاهة الفارغة، ولتلك الأكثرية الجاهلة كما بعدت ثمود!!.
حالة الأمة وقت خروج الحسين:
عندما خرج الإمام الحسين من المدينة أو أخرج منها كان واضحا لجميع رعايا دولة الخلافة أن عاصفة مدمرة تتجمع بالأفق وتتحفز للانطلاق والانفجار، وأن مواجهة عنيفة وضارية ستنشب لا محالة بين الخليفة وأركان دولته وجيشه المطيع الجرار من جهة وبين ابن النبي الإمام الحسين وآل محمد وأهل بيت النبوة والقلة القليلة التي انضمت إليهم مختارة الآخرة على الدنيا.
مثلما كان واضحا لرعايا دولة الخلافة بأن هذه المواجهة ليست متكافئة، فالخليفة يستطيع أن يجند خلال أسبوع واحد نصف مليون مقاتل، وهل بإمكان الحسين ومن معه وهم لا يزيدون عن المائة أن يقاتلوا نصف مليون جندي!!!.
ومن جهة ثانية، فقد كان واضحا لرعايا دولة الخلافة، أن الخليفة المتغلب وأركان دولته يملكون بأيديهم مفاتيح المال، والجاه، والسلطان، والنفوذ، فلا يدخل الجيوب درهم إلا بإذن الدولة، ولا يخرج من الجيوب درهم إلا بأمرها، فالخليفة سلطان اقتصادي، قبل أن يكون سلطانا سياسيا، سلطانا عسكريا.
إقليم دولة الخلافة كله ما هو في حقيقته إلا ضيعة للخليفة وأقاربه بالدرجة
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327