معاوية يصب في النهاية بحوض مطامعهم الضيقة، فاستحسنوا فعله، وعبروا عن هذا الاستحسان بالسكوت " لأن السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان " كما يقول ذلك علماء البلاغة.
ليفخروا بالمنكر ولا فخر به!!:
ليفخر وجهاء وعقلاء الأمة الإسلامية، وأكثريتها الساحقة بأنهم لم يأمروا بمعروف، ولا نهوا عن منكر، ولا سمعوا من الفئتين، فحددوا من هي الباغية؟
ولا حتى حجزوا وإنما شاهدوا المذبحة وتابعوها من أولها إلى آخرها دون أن يحركوا ساكنا، أو يوجهوا كلمة لوم واحدة للخليفة الطاغية، بل مضوا في طاعته!! ألا بعدا لهذه الوجاهة الفارغة، ولتلك الأكثرية الجاهلة كما بعدت ثمود!!.
حالة الأمة وقت خروج الحسين:
عندما خرج الإمام الحسين من المدينة أو أخرج منها كان واضحا لجميع رعايا دولة الخلافة أن عاصفة مدمرة تتجمع بالأفق وتتحفز للانطلاق والانفجار، وأن مواجهة عنيفة وضارية ستنشب لا محالة بين الخليفة وأركان دولته وجيشه المطيع الجرار من جهة وبين ابن النبي الإمام الحسين وآل محمد وأهل بيت النبوة والقلة القليلة التي انضمت إليهم مختارة الآخرة على الدنيا.
مثلما كان واضحا لرعايا دولة الخلافة بأن هذه المواجهة ليست متكافئة، فالخليفة يستطيع أن يجند خلال أسبوع واحد نصف مليون مقاتل، وهل بإمكان الحسين ومن معه وهم لا يزيدون عن المائة أن يقاتلوا نصف مليون جندي!!!.
ومن جهة ثانية، فقد كان واضحا لرعايا دولة الخلافة، أن الخليفة المتغلب وأركان دولته يملكون بأيديهم مفاتيح المال، والجاه، والسلطان، والنفوذ، فلا يدخل الجيوب درهم إلا بإذن الدولة، ولا يخرج من الجيوب درهم إلا بأمرها، فالخليفة سلطان اقتصادي، قبل أن يكون سلطانا سياسيا، سلطانا عسكريا.
إقليم دولة الخلافة كله ما هو في حقيقته إلا ضيعة للخليفة وأقاربه بالدرجة