الأولى وأركان دولته بالدرجة الثانية!! ورعايا دولة الخلافة ما هم في الحقيقة إلا أقنان يعملون جميعا في " ضيعة الخليفة " وعبيد يأتمرون بأمر الخليفة، ويعتمدون هم وعائلاتهم في حياتهم اليومية في معيشتهم على ما يقدمه لهم الخليفة، فالخليفة يقدم عطاء شهريا لأفراد جيشه، وعطاء وأعطيات لرعايا دولته بمعنى أن جميع أفراد رعايا دولة الخلافة " يتلقون رزقا أو عطاء " شهريا مباشرا أو غير مباشر من الخليفة، والخليفة الملك لا يعطي مجانا، فهو يعتبر مال الدولة ماله الخاص، لذلك فإنه يقدم الأرزاق والعطايا لجيشه ولرعاياه ليبقوا دائما على طاعته، فلا يعمل أحد منهم إلا بما يرضي الخليفة، ولا يتكلم إلا بما يسر الخليفة.
فإذا خرج أحد من الرعية عن طاعة الخليفة، أو عمل عملا يغضب الخليفة، أو تكلم بكلام لم يسر الخليفة، فأول إجراء يتعرض له هذا " المواطن " هو قطع الرزق والعطاء الشهري عنه، وعن أفراد عائلته، ويتبع ذلك ما يسمى " برئت منه الذمة " أي يهدر دمه، ومع دمه قد تهدر دماء أولاده وعائلته!! جزاء وفاقا لعصيانه " لخليفة رسول الله " لأن الخروج على طاعة الخليفة من جرائم الخيانة العظمى.
ومع الأيام تروض أفراد الرعية، وتسابقوا لإشباع جوعهم للمال، والجاه، والنفوذ، وكان ميدان السباق الأرحب هو " التفنن " بطاعة الخليفة وابتغاء رضوانه ومرضاته بأي وسيلة.
ثم إن الناس قد خرجوا قبل قليل من حرب أهلية أشعلها معاوية بن أبي سفيان بخروجه على الإمام الشرعي وإصراره على تحويل نظام الخلافة إلى ملك، وانتزاع هذا الملك بالقوة والقهر والغلبة وبأي وسيلة تلزم لتحقيق غاياته، بغض النظر عن شرعيتها أو عدم شرعيتها، إنسانيتها أو وحشيتها!! وقد طالت الحرب الأهلية، ودفعت الرعية أغلى الأثمان واستسلمت في النهاية، وتنازلت لمعاوية عن كل شئ من دون قيد ولا شرط، فما حرمه معاوية فهو الحرام!! وما أحله معاوية فهو الحلال!!! فقد أمر معاوية المسلمين بأن يسبوا علي بن أبي طالب وأهل بيت النبوة، فاستجابت الرعية على الفور وتعبدت بسب علي وأهل بيت