كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٥٨
الأولى وأركان دولته بالدرجة الثانية!! ورعايا دولة الخلافة ما هم في الحقيقة إلا أقنان يعملون جميعا في " ضيعة الخليفة " وعبيد يأتمرون بأمر الخليفة، ويعتمدون هم وعائلاتهم في حياتهم اليومية في معيشتهم على ما يقدمه لهم الخليفة، فالخليفة يقدم عطاء شهريا لأفراد جيشه، وعطاء وأعطيات لرعايا دولته بمعنى أن جميع أفراد رعايا دولة الخلافة " يتلقون رزقا أو عطاء " شهريا مباشرا أو غير مباشر من الخليفة، والخليفة الملك لا يعطي مجانا، فهو يعتبر مال الدولة ماله الخاص، لذلك فإنه يقدم الأرزاق والعطايا لجيشه ولرعاياه ليبقوا دائما على طاعته، فلا يعمل أحد منهم إلا بما يرضي الخليفة، ولا يتكلم إلا بما يسر الخليفة.
فإذا خرج أحد من الرعية عن طاعة الخليفة، أو عمل عملا يغضب الخليفة، أو تكلم بكلام لم يسر الخليفة، فأول إجراء يتعرض له هذا " المواطن " هو قطع الرزق والعطاء الشهري عنه، وعن أفراد عائلته، ويتبع ذلك ما يسمى " برئت منه الذمة " أي يهدر دمه، ومع دمه قد تهدر دماء أولاده وعائلته!! جزاء وفاقا لعصيانه " لخليفة رسول الله " لأن الخروج على طاعة الخليفة من جرائم الخيانة العظمى.
ومع الأيام تروض أفراد الرعية، وتسابقوا لإشباع جوعهم للمال، والجاه، والنفوذ، وكان ميدان السباق الأرحب هو " التفنن " بطاعة الخليفة وابتغاء رضوانه ومرضاته بأي وسيلة.
ثم إن الناس قد خرجوا قبل قليل من حرب أهلية أشعلها معاوية بن أبي سفيان بخروجه على الإمام الشرعي وإصراره على تحويل نظام الخلافة إلى ملك، وانتزاع هذا الملك بالقوة والقهر والغلبة وبأي وسيلة تلزم لتحقيق غاياته، بغض النظر عن شرعيتها أو عدم شرعيتها، إنسانيتها أو وحشيتها!! وقد طالت الحرب الأهلية، ودفعت الرعية أغلى الأثمان واستسلمت في النهاية، وتنازلت لمعاوية عن كل شئ من دون قيد ولا شرط، فما حرمه معاوية فهو الحرام!! وما أحله معاوية فهو الحلال!!! فقد أمر معاوية المسلمين بأن يسبوا علي بن أبي طالب وأهل بيت النبوة، فاستجابت الرعية على الفور وتعبدت بسب علي وأهل بيت
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327