عدوك، فإني أرجو أنك لا تمسي حتى يسقيك جدك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا " (1).
قال أبو الفرج الأصفهاني: " إن أول قتيل من ولد أبي طالب مع الحسين ابنه علي ". وقال: لما برز علي بن الحسين إليهم أرخى الحسين عينيه وبكى، وقال:
" اللهم أنت الشهيد عليهم، فقد برز إليهم غلام أشبه الخلق برسول الله، فجعل يشهد عليهم ثم يرجع إلى أبيه فيقول: يا أبه العطش! فيقول له الحسين: اصبر حبيبي فإنك لا تمسي حتى يسقيك رسول الله بكأسه، وجعل يكر كرة بعد كرة حتى رمي بسهم في حلقه فمزقها، وأقبل يتقلب في دمه، ثم نادى، يا أبتاه:
عليك السلام هذا جدي رسول الله يقرئك السلام ويقول: عجل القدوم علينا، ثم شهق ومات " (2).
قال الطبري " قال حميد بن مسلم: فكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي بالويل والثبور وتقول: وا حبيباه، يا ثمرة فؤاداه، يا نور عيناه، فسألت عنها، فقيل: هي زينب بنت علي وجاءت وانكبت عليه، فجاء الحسين وأخذها بيدها إلى الفسطاط وأقبل على فتيانه وقال: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه فجاءوا به حتى وضعوه عند الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه " (3).
قال أبو مخنف: ثم إنه وضع ولده في حجره وجعل يمسح الدم عن ثناياه وجعل يلثمه ويقول: " أما أنت فقد استرحت من هم الدنيا وغمها وشدائدها،