وصرت إلى روح وريحان، وبقي أبوك، وما أسرع اللحوق بك " (1).
قال القندوزي: إن الإمام قال: " لعن الله قوما: قتلوك يا ولدي، ما أشد جرأتهم على الله، وعلى انتهاك حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأهملت عيناه بالدموع وصرخت النساء فسكتهن الإمام " (2) وقال: " اسكتن فإن البكاء أمامكن وفي رواية أخرى أن الإمام لما رأى ولده الشهيد قال: " يا ثمرة فؤاداه يا قرة عيناه " (3).
القاسم بن الحسن:
وخرج من بعد علي الأكبر ابن الحسين القاسم بن الحسن، وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم، فلما نظر إليه الإمام الحسين، اعتنقه وجعلا يبكيان حتى غشي عليهما، فاستأذن الغلام، فأبى الحسين أن يأذن له فلم يزل الغلام يقبل يديه ورجليه حتى أذن له، فخرج الغلام ودموعه تسيل على خديه وهو يقول:
إن تنكروني فأنا ابن الحسن * سبط النبي المصطفى والمؤتمن هذا حسين كالأسير المرتهن * بين أناس لا سقوا صوب المزن وكان وجهه كفلقة القمر، فقاتل قتالا شديدا وقتل خمسة وثلاثين رجلا.
قال حميد بن مسلم: " كنت في عسكر ابن سعد فكنت أنظر إلى هذا الغلام عليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما ما أنسى أنه اليسرى، فقال عمرو بن سعد الأزدي: والله لأشدن عليه، فقلت: سبحان الله، وما تريد بذلك، والله لو ضربني ما بسطت إليه يدي، يكفيه هؤلاء الذين احتوشوه. فقال: والله لأفعلن، فشد عليه وضرب رأسه بالسيف ووقع الغلام لوجهه ونادى: يا عماه!
فجاء الحسين كالصقر المنقض، فتخلل الصفوف، وشد شدة الليث وضرب عمرا قاتله بالسيف، فاتقاه بيده فقطعها من المرفق، وحملت خيل الكوفة ليستنقذوا عمرا من الحسين، فاستقبلته بصدورها، وجرحته بحوافرها، ووطأته حتى مات، فانجلت الغبرة وإذا بالحسين قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه فقال