الله وتقتل الولدان والنساء، والله إن في قتلك الرجال لما ترضي به أميرك، قال حميد فقال: من أنت؟ قال قلت: لا أخبرك من أنا، وخشيت والله لو عرفني أن يضرني عند السلطان!! وجاءه رجل كان أطوع له مني شبث بن ربعي فقال: " ما رأيت مقالا أسوأ من مقالك، ولا موقفا أقبح من موقفك أمرعبا للنساء صرت "، قال حميد: فاستحيا شمر، فذهب وانصرف، وبهذا الوقت حمل عليه زهير بن القين فكشفه وأصحابه وانصرفوا، ونجت الخيام من الحريق إلى حين.
مقتل أبي ثمامة الساعدي:
قاتل أبو ثمامة شأنه شأن كل واحد من أصحاب الإمام دون الإمام قتالا عجيبا، وأخيرا قال للإمام: إني قد هممت أن ألحق بأصحابي، وكرهت أن أتخلف وأراك وحيدا من أهلك قتيلا فقال له الإمام الحسين: تقدم فإنا لاحقون بك عن ساعة، فتقدم أبو ثمامة وقاتل حتى قتل (1).
تقويم الموقف والاستعجال بطلب الموت والشهادة استذكار خطة الإمام وأصحابه:
بينا أن الإمام الحسين، عندما قدر أن المواجهة بينه وبين الفرعون وجنوده لا مفر منها، وأن القتال سيحدث لا محالة، أعد للأمر عدته واستثمر إمكانياته المحدودة أحسن استثمار:
1 - فقد أمر بحفر خندق حول معسكره من ثلاث جهات: اليمين واليسار والخلف، وأمر بأن يملأ بالحطب حتى إذا ما بدأ القتال أشعلوا النار فيه.
2 - أمر أصحابه وأهل بيته بأن يقربوا بيوتهم بعضها من بعض وأن يدخلوا بعضها في بعض بحيث يتعذر على جيش الفرعون أن يتخللها أو يجوس خلالها.
3 - إن الخندق بمثابة سور يحول بين جيش الخلافة وبين الوصول إلى داخل المعسكر، وكان تداخل الأبنية والخيام ببعضها سورا آخر.