كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٩
فالذين اتبعوا الإمام الحسين من غير بني هاشم واستشهدوا بين يديه في كربلاء، كانوا على علم بما يجري، وبالدوافع الذاتية لقادة فريقي المواجهة، فهم يعرفون طبيعة الخلافة، وطبيعة نظام دولته وطبيعة أركان هذه الدولة، وطبيعة الجيش " الإسلامي " الجرار الذي يأتمر بأمر الخليفة، وطبيعة الحالة التي آلت إليها نفسية الأمة، فمن غير المحتمل على الإطلاق أن يخاطر أي فرد من أغلبية الرعية بقطع " الأرزاق " أو الأعطيات الشهرية التي يقدمها الخليفة لعبيده، أو يجاهر بعصيانه ليخسر دنياه، ويخسر حياته ويهدم داره،!! فالذين اتبعوا الإمام الحسين ونالوا شرف الشهادة بين يديه نماذج بشرية عجيبة حقا، حللت واقعها تحليلا دقيقا، وأصغت لنبيها وهو يأمرها بنصرة الإمام الحسين فاختارت ما اختارت بقلوب راضية مطمئنة، بأعصاب هادئة، وبرضى تام، وساروا إلى الموت بخطى ثابتة، كلما فر الموت من أمامهم لاحقوه بلا كلل ولا ملل!! لقد صار الموت مطلبهم، وغايتهم، ونشوتهم العظمى!!! ولم لا!! فهم أنصار الحسين، والحسين مقتنع قناعة نهائية لا تقبل المراجعة أن الموت خير من الحياة تحت حكم الظالمين، بل إنه كان يرى الموت سعادة والحياة مع الظالمين برما. إن أنصار الحسين على خطه تماما، رافقوه وتداولوا الأمر معه، ثم نفذوه بدقة وتفان.
فلما وقعت الواقعة افتدوه، وافتدوا أهل بيت النبوة الكرام، وقاتلوا بين يديه حتى قتلوا، لقد كانوا جبالا حقيقية، اندكت تباعا بين يدي الحسين!!!.
أركان قيادة يزيد في كربلاء:
قهر معاوية الأمة، وتملك أمرها بالقوة والتغلب، ودانت له البلاد والعباد رغبة بما في يديه من مال ونفوذ، أو رهبة من بطشه وجبروته. ولكن معاوية بدهائه مدرك أن الجمر في كثير من المواقع ما زالت تحت الرماد، لقد حصر معاوية الخطر على ملكه بمصدرين، أحدهما: آل محمد، أهل بيت النبوة، الذين لا ينفكون عن القول بأنهم أصحاب الحق الشرعيين بقيادة الأمة، وأن معاوية
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327