إيمانهم، ومعدن أصالتهم، لقد كانوا نماذج بشرية تفوق كل مجالات وآفاق التصور والتصديق، فكان أولئك الفتية هم أبرز أركان قيادة الإمام الحسين، وضعهم بالصورة الكاملة قبل خروجه من المدينة المنورة، ووافقوه على كل ما فعل خطوة خطوة، ونفذوا أوامره برضى خاطر، فما من أحد منهم إلا وقد قال للحسين: ائذن لي يا بن رسول الله لأدافع عنك، وأقتل بين يديك، وما من أحد منهم إلا وأثلج خاطر الحسين صولة وجولة، حتى إذا ما قضي نحبه صار جرحا غائرا في قلب الحسين، وانهدم ركن عصي من أركان قيادته!! ففتية آل محمد كانوا هم ناصية أركان قيادة الحسين، فلما وقعت الواقعة تقدموا وقاتلوا بين يديه وسقطوا فرقدا إثر فرقد، حتى خلت السماء تماما من فراقدها، عندئذ كسر ظهر الإمام الحسين، وامتلأ قلبه بالجراح النازفة، واضطر الحسين أن يحمل قلبه المثخن بالجراح وأن يقاتل جيش الخلافة وحيدا بعد أن تهدمت أركان قيادته.
إن الكواكب التي انتثرت وتساقطت تباعا من سماء كربلاء أمام الحسين لهي ظاهرة قيادية كونية نادرة، وإن تعجب لأراك الدهر عجبا، فأعجب كيف بقي للحسين قلب، وكيف انصرف ليقاتل وحده جيشا يزيد على عشرين ألف مقاتل، بعد أن فقد أركان قيادته، وأعجب لنفسية أفراد هذا الجيش المرتزق الذي أصر على قتال الحسين وحيدا!!! وبعد حملات هذا الجيش وصولاته على الإمام الوحيد قتلوه، ولم يكتفوا بقتل الإمام، إنما مثلوا به أشنع تمثيل، وبعد أن أكملوا المذبحة ذهبوا وصلوا!! وقالوا في صلاتهم كما أمرهم الله: " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد " وهم قبل قليل أبادوا آل محمد وذبحوا شيخهم كما تذبح الأضاحي!!!.
2 - أركان قيادة الإمام الحسين من غير بني هاشم: الذين اتبعوا الإمام الحسين من غير بني هاشم هم نخبة الأمة الإسلامية، ولقد وصفهم أحد قادة الجيش الأموي بقوله للجيش: " أتدرون من تقاتلون؟ إنما تقاتلون فرسان المصر، وأهل البصائر، وقوما مستميتين " (1) وقال عنهم الإمام علي: " ليس مثلهم إلا شهداء بدر " (2).