كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٦٦
من حوله، وليجعلها أحد الأسلحة التي يحارب بها خصومه!! وقبل أن يهلك معاوية أيضا سلم ابنه قيادة جيوش مدربة على طاعته وتتقاضى رواتبها من خزانته، وأوصاها معاوية أن طاعة ابنه كطاعته، فبالطاعة تدوم الرواتب والمعايش والمنافع، وإن انعدمت الطاعة تزول النعم كلها، وفوق ذلك يتعرض العاصي للقتل.
وقبل أن يهلك معاوية أيضا أخذ البيعة لابنه من كافة عماله على أقاليم مملكته بعد أن اختارهم من خاصته ومن الموالين للعرش الأموي وقبل أن يهلك معاوية استقرت القوانين التي أوجدها، وهي أن العطاء والرزق الشهري سيصل باستمرار لكل رعايا الدولة المخلصين للخليفة، والمطيعين له، والقابلين بأعماله، والمعادين لأعدائه، فإذا ثبت ولو بالظن أن أحد أفراد الرعية غير مخلص للخليفة، أو غير مطيع له، أو غير قابل بأعماله، أو موال لأعدائه، فلا رزق له ولا عطاء، ولا مكان له في أعمال الدولة أو إداراتها، أو جيشها، وبالتالي فهو عضو فاسد في المجتمع يجب أن يقتل وأن تهدم داره حتى لا ينشر عدوى العصيان، فهو مريض معد (1).
وقبل أن يهلك معاوية، عرف ابنه على أقطاب إعلام دولته الذين اصطفاهم لنفسه، وخرجهم من مدرسته، فصارت لهم القدرة على جعل الحق يبدو بصورة الباطل وجعل الباطل يبدو بصورة الحق، مثلما مهروا بتحريف الكلم عن مواضعه، والمهارة على قلب الألوان وتبديلها، فلهم القدرة على جعل الأبيض أسود، وتحويل الأسود إلى أبيض.
والخلاصة إن يزيد بن معاوية ورث دولة مستقرة، وأمة ذليلة خاضعة، ودينا سياسيا لا يحمل من الإسلام إلا اسمه وقشوره، وورث إمكانيات وطاقات دولة عظمى، بل من أعظم دول العصر في زمانها من حيث إمكانياتها وطاقاتها

(1) راجع شرح نهج البلاغة لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد ج 3 ص 595 - 596 تحقيق حسن تميم، واقرأ نص المراسيم الملكية التي أصدرها معاوية وعممها على كافة عمال أقاليمه ليعملوا بها وليعتبروها قانونا يعلو فوق أي قانون.
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327