من حوله، وليجعلها أحد الأسلحة التي يحارب بها خصومه!! وقبل أن يهلك معاوية أيضا سلم ابنه قيادة جيوش مدربة على طاعته وتتقاضى رواتبها من خزانته، وأوصاها معاوية أن طاعة ابنه كطاعته، فبالطاعة تدوم الرواتب والمعايش والمنافع، وإن انعدمت الطاعة تزول النعم كلها، وفوق ذلك يتعرض العاصي للقتل.
وقبل أن يهلك معاوية أيضا أخذ البيعة لابنه من كافة عماله على أقاليم مملكته بعد أن اختارهم من خاصته ومن الموالين للعرش الأموي وقبل أن يهلك معاوية استقرت القوانين التي أوجدها، وهي أن العطاء والرزق الشهري سيصل باستمرار لكل رعايا الدولة المخلصين للخليفة، والمطيعين له، والقابلين بأعماله، والمعادين لأعدائه، فإذا ثبت ولو بالظن أن أحد أفراد الرعية غير مخلص للخليفة، أو غير مطيع له، أو غير قابل بأعماله، أو موال لأعدائه، فلا رزق له ولا عطاء، ولا مكان له في أعمال الدولة أو إداراتها، أو جيشها، وبالتالي فهو عضو فاسد في المجتمع يجب أن يقتل وأن تهدم داره حتى لا ينشر عدوى العصيان، فهو مريض معد (1).
وقبل أن يهلك معاوية، عرف ابنه على أقطاب إعلام دولته الذين اصطفاهم لنفسه، وخرجهم من مدرسته، فصارت لهم القدرة على جعل الحق يبدو بصورة الباطل وجعل الباطل يبدو بصورة الحق، مثلما مهروا بتحريف الكلم عن مواضعه، والمهارة على قلب الألوان وتبديلها، فلهم القدرة على جعل الأبيض أسود، وتحويل الأسود إلى أبيض.
والخلاصة إن يزيد بن معاوية ورث دولة مستقرة، وأمة ذليلة خاضعة، ودينا سياسيا لا يحمل من الإسلام إلا اسمه وقشوره، وورث إمكانيات وطاقات دولة عظمى، بل من أعظم دول العصر في زمانها من حيث إمكانياتها وطاقاتها