محمد تقي الجعفري، قال: وقد اشتمل هذا الاحتجاج على أهم المسائل الإلهية وأغمضها، وهي على اطلاقها عويصات في الحكمة المتعالية، قد أتعبت أفكار الباحثين الناظرين في ذلك الفن، ولم يأت هؤلاء الأساطين بأجوبة كافية لتلك المسائل بل تعقبها أسئلة أخرى ربما تكون اغمض من نفس الأسئلة، وقد وقعت تلك الغوامض موارد لأسئلة عمران في هذه الرواية، وأجاب عنها الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ثامن حجج الله على عباده وامنائه في ارضه، وما بينه الامام في هذا الاحتجاج مناهج واضحة لم يطمسها غبار الحجب المادية التي تثيرها العقول المحدودة في معقل المحسوسات المظلمة، هكذا ينكشف عند المتمسكين بأذيال أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي حقائق ضل في سبيل الوصول إليها الأفكار الناقصة. " ونعرض للنص الكامل من أسئلة الصابئ وجواب الامام عنها حسبما ذكره الشيخ الصدوق في (عيون أخبار الرضا) مع مقتطفات من تعليقات الشيخ الجعفري عليها.. لقد قدم الوفد الذي كان مع عمران جملة من المسائل، وبعدما أجاب الإمام (عليه السلام) عن أسئلة الوفد الذي هو من كبار علماء النصارى، واليهود والصابئة، قال لهم: " يا قوم ان كان فيكم أحد يألف؟؟ الاسلام، وأراد أن يسأل، فليسأل غير محتشم... " فانبرى إليه عمران الصابئ، وكان متطلعا بصيرا في علم الكلام فخاطب الامام بأدب واكبار قائلا:
" يا عالم الناس لولا أنك دعوت إلى مسألتك، لم أقدم عليك بالمسائل، فلقد دخلت الكوفة والبصرة، والشام، والجزيرة ولقيت المتكلمين، فلم أقع على أحد يثبت لي واحدا - يعني ان الله تعالى واحد لا ثاني له - ليس غيره قائما بوحدانيته أفتأذن لي أن أسألك... " عرض الصابئ إلى عمق مسألته، وانه لم يهتد لحلها علماء الكوفة والبصرة والشام والجزيرة، ويطلب من الإمام (عليه السلام) حلها، فقابله الامام ببسمات فياضة بالبشر قائلا:
" ان كان في الجماعة عمران الصابئ فأنت هو... ".
" أنا هو "