مناظراته واحتجاجاته واتسم عصر الإمام الرضا (عليه السلام) بشيوع المناظرات والاحتجاجات بين زعماء الأديان والمذاهب الاسلامية وغيرها، وقد احتدم الجدال بينهم في كثير من البحوث الكلامية خصوصا فيما يتعلق بأصول الدين، وقد حفلت الكتب الكلامية وغيرها بألوان من ذلك الصراع العقائدي مشفوعة بالأدلة التي أقامها المتكلمون على ما يذهبون إليه.
ومن بين المسائل التي عظم فيها النزاع، واحتدم فيها الجدال بين الشيعة والسنة (الإمامة) فالشيعة تصر على أن الإمامة كالنبوة غير خاضعة لاختيار الأمة وانتخابها، وانما أمرها بيد الله تعالى فهو الذي يختار لها من يشاء من صلحاء عباده ممن امتحن قلوبهم للايمان كما يشترطون في الامام ان يكون معصوما عن الخطأ، وأن يكون أعلم الأمة، وأدراها لا في شؤون الشريعة الاسلامية فحسب وانما في جميع علوم الحياة، وأنكر جمهور أهل السنة ذلك جملة وتفصيلا، ومن الجدير بالذكر أن أروقة الملوك والوزراء في عصر الامام قد عقدت فيها مجالس للمناظرة بين زعماء المذاهب الاسلامية فقد عقدت البرامكة مجالس ضمت المتكلمين من علماء السنة، فناظروا العالم الكبير هشام بن الحكم، وحاججوه في أمر الإمامة، فتغلت عليهم ببالغ الحجة، وقوة البرهان، ومما لا ريب فيه ان عقد البرامكة للخوض في هذه البحوث الحساسة لم تكن بواعثه علمية فقط، وانما كانت للاطلاع على ما تملكه الشيعة من الأدلة الحاسمة لاثبات معتقداتها في الإمامة.
ولما جمل المأمون ولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام) التي لم تكن عن اخلاص، ولا عن ايمان بأن الامام أحق وأولى بالخلافة منه، وانما كانت لأسباب سياسية سوف نتحدث عنها في غضون هذا الكتاب، وقد أوعز إلى ولاته في جميع