أنحاء العالم الاسلامي باحضار كبار العلماء من المتمرسين في مختلف أنواع العلوم بالحضور إلى خراسان ليسألوا الامام عن أعقد المسائل العلمية، ولما حضروا عنده عرض عليهم الامر، ووعد بالثراء العريض كل من يسأل الإمام (عليه السلام) سؤالا يعجز عن اجابته، والسبب في ذلك - فيما نحسب - يعود إلى ما يلي:
أولا: إن المأمون أراد أن ينسف عقيدة الشيعة ويقضي على جميع معالمها فيما إذا عجز الإمام الرضا (عليه السلام) فإنه يتخذ من ذلك وسيلة لنقض ما تذهب إليه الشيعة من أن الامام أعلم أهل عصره، وأدراهم بجميع أنواع العلوم، ومن الطبيعي أن ذلك يؤدي إلى زعزعة كيان التشيع، وبطلان عقيدتهم في أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
ثانيا: ان الامام لو عجز عن أجوبة المسائل التي يقدمها العلماء له فان المأمون يكون في سعة من عزله عن ولاية العهد بعد أن استنفذت أغراضه السياسية منها، فقد أظهر للناس في بداية الامر انه انما رشح الامام لهذا المنصب الخطير لأنه اعلم الأمة، ولكن لما ظهر له خلاف ذلك قام بعزله، وفي نفس الوقت تقوم وسائل اعلامه بإذاعة ذلك، والحط من شأن الامام، وفي ذلك استجابة لعواطف الأسرة العباسية التي غاظها ترشيح المأمون للامام لولاية العهد. فعمدت إلى عزله، ومبايعة المغني إبراهيم - كما سنتحدث عن ذلك - وعلى اي حال فقد قام العلماء بالتفتيش عن أعقد المسائل وأكثرها صعوبة وعمقا في جميع أنواع العلوم، وعرضوها على الامام فأجاب عنها جواب العالم الخبير المتمرس فيها ويقول الرواة: انه سئل عن أكثر من عشرين الف مسألة في نوب مفرقة عاد فيها بلاط المأمون إلى مركز علمي، وخرجت الوفود العلمية، وهي مليئة بالاعجاب والاكبار بمواهب الامام وعبقرياته، واخذت تذيع على الناس ما يملكه الامام من طاقات هائلة من العلم والفضل كما ذهب معظمهم إلى القول بإمامته، مما اضطر المأمون إلى حجب الامام عن العلماء خوفا ان يفتتنوا له ولم يذكر الرواة الا كوكبة يسيرة منها، نعرض لها ولبعض ما اثر عنه هذا الموضوع، وفيما يلي ذلك:
1 - أسئلة عمران الصابئ:
وكان عمران الصابئ من كبار فلاسفة عصر الإمام (عليه السلام) كما كان الزعيم الروحي لطائفة الصابئة، وقد انتدبه المأمون لامتحان الامام، فأختار له أعمق المسائل الفلسفية وأكثرها تعقيدا وغموضا، وقد شرحها وعلق عليها المحقق الشيخ