حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ١٠٦
نفي ذلك الشئ عن نفسه بتحديد ما علم منها... والتفت الامام إلى عمران فقال له:
" أفهمت يا عمران؟... ".
" نعم والله يا سيدي... ".
وحاصل ما أجاب به الإمام (عليه السلام) أن ما ذكره الصابئ إنما يصح فيما لو كان المعلوم مقارنا بعدة أشياء تخالفه فيلزم حينئذ نفي تلك الأشياء لتحصيل المعلوم إلا أن الله تعالى خالق الكون وواهب الحياة ما لم يكن هناك شئ يقارنه فلا حاجة إلى نفيه ليقرر ارادته بذلك النفي.
س 3 - أخبرني بأي شئ علم ما علم أبضمير أم بغير ضمير؟
أراد الصابئ بهذا السؤال الزام الامام بالقول بالتركيب في ذاته تعالى، من جهة أنه ذو ضمير.
ج 3 - أرأيت إذا علم بضمير هل يجد بدا من أن يجعل لذلك الضمير حدا تنتهي إليه المعرفة؟
أراد الامام أن ذلك الضمير لا بد أن يعرف حقيقته وماهيته، وقد وجه الامام إليه السؤال التالي:
" فما ذلك الضمير؟... ".
فانقطع الصابئ عن الكلام ولم يستطع أن يقول شيئا، فقد سد الامام عليه كل نافذة يسلك فيها لاثبات ما يذهب إليه، والتفت الامام إليه قائلا:
" لا بأس إن سألتك عن الضمير نفسه فتعرفه بضمير آخر؟ فان قلت: نعم، أفسدت عليك قولك.. ".
وأقام الإمام الحجة الكاملة والبرهان القاطع على بطلان ما التزم به الصابئ من أنه تعالى يعلم بواسطة الضمير، وعلى هذا فلا بد من ضمير آخر يقع به الادراك لذاته تعالى، وهذا الضمير الآخر يتوقف على ضمير غيره، وهكذا فيلزم التسلسل، وهو ما لا نهاية له، وإن توقف الضمير الثاني على الضمير الأول فيلزم منه الدور والأمران مما أجمع على فسادهما، لترتب الأمور الفاسدة عليها حسبما ذكره الفلاسفة والمنطقيون وتمم الإمام (عليه السلام) حجته وبرهانه بقوله:
" يا عمران أليس ينبغي أن تعلم أن الواحد ليس يوصف بضمير، وليس يقال له: أكثر من فعل وعمل وصنع، وليس يتوهم منه مذاهب وتجزية كمذاهب المخلوقين وتجزيتهم، فاعقل ذلك، وابن عليه ما علمت صوابا.. ".
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست