حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ١٠٥
بها، ولكن هذا بالنسبة إلى غير الواجب تعالى أما هو فإنه يخلق الأشياء لا من شئ كان، ولا من شئ خلق، وانما يقول للشئ كن فيكون، فقد ابتدع خلق الأشياء لا على شئ حذاه، ومثله له، فهو القوة الكبرى المبدعة لخلق الأشياء لا لحاجة منه إليها، فهو المصدر الوحيد للفيض على جميع الكائنات.
والتفت الإمام (عليه السلام) إلى عمران فقال له:
" تعقل هذا يا عمران...؟ ".
" نعم والله يا سيدي... ".
" اعلم يا عمران أنه لو كان خلق ما خلق لحاجة، لم يخلق إلا من يستعين به على حاجته، ولكان ينبغي أن يخلق اضعاف ما خلق لان الأعوان كلما كثروا كان صاحبهم أقوى، والحاجة يا عمران لا يسعها لأنه كان لم يحدث من الخلق شيئا إلا حدثت فيه حاجة أخرى، ولذلك أقول: لم يخلق الخلق لحاجة ولكن تقل بالخلق الحوائج بعضهم إلى بعض، وفضل بعضهم على بعض بلا حاجة منه إلى من فضل، ولا نقمة منه على من أذل... ".
وهذا الكلام متمم لما قبله من أن الله تعالى خلق الخلق في غنى عنهم فهم المحتاجون إلى فيضه ورحمته وعطائه، فهو الجواد المطلق الذي بسط الرحمة والاحسان على جميع الموجودات والكائنات وكان من فضله أنه فضل بعض مخلوقاته على بعض بلا حاجة منه إلى من فضل، ولا نقمة منه على من أذل.
س: 2 - " يا سيدي هل كان الكائن معلوما في نفسه عند نفسه..؟
وهذا السؤال عميق للغاية، وتوضيحه - حسبما ذكره الشيخ الجعفري - أن تحصل شئ وتحققه في الانكشاف العلمي كواقع ذلك الشئ ينحل إلى هوية نفسه، وطارديته لغيره، وبذلك يكون محدودا، فإن الحجر ما لم يضف إلى هويته عدم جميع أضداده لا يتحصل تحصلا علميا... فأن النفس المعلومة ما لم يلاحظ طرد جميع ما سواها عنها لا تكون معلومة ومحصلة عند العالم وكأن هذا هو الموجب لسؤال عمران عن كونه تعالى معلوما عند نفسه، فحينئذ لو أجاب الامام بثبوته لاستشكل عمران هل كان تحصيل نفسه عند نفسه ملازما لطرد غيره من المعقولات أم لا؟.
ج 2 - قال (عليه السلام): إنما يكون المعلمة بالشئ لنفي خلافه، وليكن الشئ نفسه، بما نفى عنه موجودا، ولم يكن هناك شئ يخالفه، فتدعوه الحاجة إلى
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست