النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٢١٧
عن تخطئته وعن إثبات لغيه وتحقيق ظلمه وجوره فإنهم أنفسهم لم يسكتوا عن شئ من ذلك وهم الذين أجمعوا على تخطئته وبغيه وبينوا فضائحه وقبائحه وملأوا بذلك مسنداتهم وشحنوا بها تواريخهم فلم يبق إلا أن يكون مرادهم السكوت عن لعنه أو سبه أو عنهما معا.
أما لعنه فقد قدمنا في صدر الرسالة بيان مشروعية لعن من استحق اللعن بأحد مسوغاته مما تلبس معاوية بالأكثر منها فيكون لعنه مطلوبا تأسيا برسول الله وبملائكته وعملا بما جاء في كتابه تعالى من ذلك كيف وقد قال جل شأنه أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون أليس هذا في حقنا خبرا بمعنى الأمر كما في قوله عز وجل والمطلقات يتربصن ونحوه على أن التأسي وحده كاف في طلبه وحاشا من ذكرتم من السابقين أن ينهي عن أمر شرعه الله تعالى وكرره في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وآله ولو سلمنا أن أحدا منهم نهى عنه فلا اعتبار لكلام أحد في مقابلة كلام الله تعالى وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام فنحمل حينئذ إجلالا لمقامهم نهيهم عن ذلك على النهي عنه عند خوف الفتنة كما هو الغالب في الأزمان السابقة أو على النهي عن لعن من لم يستحق اللعن إجمالا وهذا حق وصحيح فتعين كون مرادهم السكوت عن سبه لا تقرير قبائحه والرضا بها ونحن نتابعهم على ذلك ونعلم أن لا إثم فيه ولا فائدة إذا لم تدع إليه مصلحة وهي هنا موجودة (1) ولكنا لا نوافق من تجاوز ذلك من المتأخرين إلى ما لم يأمر به السلف من مدحه وإطرائه بما ليس فيه والترضي عنه وإعلان حبه والإنكار على من أورد شيئا من مثالبه لإقامة حجة أو بيان محظور فمن مدحه أو ترضى عنه أو أحبه وادعى أنه متأس في ذلك بالسلف الأول فقد افترى عليهم (فقد) أورد ابن عبد البر في

(1) هي أولا امتثال قول الله تعالى ليبيننه للناس ولا يكتمونه ثانيا إرشاد جهلة المقلدين إلى الحق رجاء رجوعهم إليه ثالثا رفع التهمة التي يلصقها الخصم بنا من تقديمنا أقوال علمائنا على النصوص الصريحة.
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»