النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٢١٤
أولى أن يؤخذ بها من فتاوى التابعين وفتاوى التابعين أولى من فتاوى تابعي التابعين وهلم جرا وكلما كان العهد بالرسول أقرب كان الصواب أغلب ثم قال ولعله لا يسع المفتي والحاكم عند الله أن يفتي ويحكم بقول فلان وفلان من المتأخرين من مقلدي الأئمة ويأخذ برأيه وترجيحه ويترك الفتوى والحكم بقول البخاري وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني وأمثالهم بل لا يلتفت إلى قول ابن أبي ذئب والزهري والليث بن سعد وأمثالهم بل لا يعد قول سعيد ابن المسيب والحسن وجعفر بن محمد والقاسم وسالم وعطاء وطاووس وأمثالهم مما يسوغ الأخذ به بل يرى تقديم قول المتأخرين من أتباع من قلده على فتوى أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وذكر عددا من الصحابة ثم قال فلا ندري ما عذره غدا إذا سوى بين أقوال أولئك وفتاويهم فكيف إذا رجحها عليها فكيف إذا عين الأخذ بها حكما وإفتاء ومنع الأخذ بقول الصحابة واستجاز عقوبة من خالف المتأخرين لها وشهد عليه بالبدعة والضلالة ومخالفته أهل العلم وأنه يكيد الإسلام تالله لقد أخذ بالمثل المشهور رمتني بدائها وانسلت (انتهى).
أما قوله إنا لسنا بأعلم من أولئك العلماء حتى نخالفهم ونصنع غير ما صنعوا فقول لا يقبل ممن يمكنه البحث والنظر في الأدلة ومواقع الصحة والضعف فيها وما أبعد هذا إذا أهمل ذلك عن مراتب الرجال وما أعجزه عن نيل صفة الكمال قال الشاعر:
ولم أرى في عيوب الناس عيبا * كنقص القادرين على التمام بل هو قول العاجز الوكل والجاهل المقلد الواضع نفسه موضع الصبي لدي كافله والمرأة في قبضة وليها والأعمى في يد قائده على إنا نلزمهم أيضا بأنهم ومقلديهم ليسوا بأعلم ممن لم يسكت عن معاوية بل أوجب بغضه واستجاز لعنه وأعلن قبائحه وبين سوء سيرته فكيف خالفوهم وصنعوا غير
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»