النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٢٢١
ولرسوله وما ارتكبه من معاصيه وسينكشف الغطاء عن جميع ذلك يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها والخصوم إذ ذاك الآلاف المؤلفة من المسلمين والحكم إذ ذاك من لا تخفى عليه خافية فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد.
ربما يقول قائل أنت تطالب الناس اليوم أن يوافقوا الإمام عليا ومن هو على طريقته من كبار الصحابة في شأن معاوية وبغضه واستباحة لعنه وهم نعم القدوة والأسوة كما ذكرت ولكنا وجدنا كثيرا من أهل القرون الأولى كالإمام الشافعي ونظرائه قد أهملوا تلك الأقوال وسكتوا عنها فهل لا يسعنا ما وسع أولئك الأئمة من السكوت والإعراض عن هذه المشاجرات وطرحها جانبا.
فنقول له لا يسعكم ما وسعهم لأنهم معذورون فيما سكتوا عنه ولا كذلك أنتم. إنهم وجدوا في زمان كانت الدولة والصولة والشوكة لبني أمية وأمرائهم العتاة الذين لا يرقبون في مؤمن ألا ولا ذمة فلا يتجاسر أحد أن يعلن أو يصرح بما يعرفه ويعتقده من مثالب أسلافهم وتوغلهم في البغي والظلم ثم أتى زمان بني العباس فكانوا على بغضهم وعداوتهم لبني أمية يضيقون ذرعا بكل فضيلة واتباع وانتماء إلى علي وأهل بيته عليهم السلام وكان أهل البيت وشيعتهم في أيام تينك الدولتين بل وفي إمرة ابن الزبير (1)

(1) نقل أبو الفرج عن المدائني عن أبي بكر الهذلي قال: كان عبد الله بن الزبير قد أغرى ببني هاشم يتبعهم بكل مكروه ويغري بهم ويخطب بهم على المنابر ويصرح ويعرض بذكرهم فربما عارضه بن عباس وغيره منهم ثم بدا له فحبس ابن الحنفية في سجن عادم ثم جمعه وسائر من كان بحضرته من بني هاشم فجعلهم في محبس له وملأه حطبا وأضرم فيه النار وقد كان بلغه أن أبا عبد الله الجدلي وسائر شيعة ابن الحنفية قد وافوا لنصرته ومحاربة ابن الزبير فكان ذلك سبب إيقاعه به وبلغ أبا عبد الله الخبر فوافى ساعة أضرمت النار عليهم فأطفأها واستنقذهم وأخرج ابن الحنفية من جوار ابن الزبير من يومئذ انتهى وقد أشار في الكامل إلى القصة وذكرها أهل الأخبار.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»