بعض أهل العلم عن السواد الأعظم الذين جاء فيهم الحديث إذا اختلف الناس فعليكم بالسواد الأعظم فقال محمد بن أسلم الطوسي هو السواد الأعظم قال: وصدق والله فإن العصر إذا كان فيه عارف بالسنة داع إليها فهو الحجة وهو الإجماع وهو السواد الأعظم وهو سبيل المؤمنين التي من فارقها واتبع سواها ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا (انتهى).
على أننا لا نسلم معاوية ما ادعوه من أن المحدثين والأشاعرة والماتريدية هم جمهور هذه الأمة وأكثرها بل ولا نسلم لهم أن جميع من ذكروه قائل بما زعموه في حق معاوية معتقد صحته.
أما المحدثون فإنا لم نجد إلا عن القليل منهم تصريحا بما زعم هؤلاء من تعديل معاوية وتأويل بعض قبائحه والآلاف المؤلفة منهم إما ناقمون عليه أو ساكتون عنه بسبب ما يقتضيه زمانهم وما اشتمل عليه من فتن بني أمية ومظالهم.
وأما الأشاعرة والماتريدية فالكثير منهم بل الأكثر ناقمون في أنفسهم على هذا التعديل والتأويل متأففون من هذه الأقوال متبرمون من هذه التحملات نافرة قلوبهم من ذلك الطاغية وموبقاته وجرائره معرضون عن ذكره جملة.
أما الخاصة منهم فيما اطلعوا عليه من الدلائل القوية على بطلان ما حرره مقلدوهم وضعف ما استند إليه سابقوهم وأما العامة منهم فيما دعتهم إليه الفطرة الإيمانية وساقتهم نحوه الإلهامات الربانية وهل بعد هذا يصح أن يقال إن السواد الأعظم هو القائل بتعديل معاوية وأمثاله والموجب تأويل قبائحه والمثبت له أجر الاجتهاد على فعل المنكرات لا بل السواد الأعظم والجماعة هم فئة الحق المفسقون له والمانعون من تعظيمه والقائلون بجواز لعنه بما اكتسب من موجبات اللعن والمصرحون بوجوب بغضه لمحادته لله