حتى نخالفهم ونصنع غير الذي صنعوا.
والجواب عن هذا إننا لا ننكر فضل هؤلاء الرجال وعلو مقامهم من العلم والتحقيق والديانة والورع نستمد من علومهم ونتبع آثارهم ونقتبس من أنوارهم ونعتقد حسن نياتهم ونبل مقاصدهم ولكنا مع هذا نقول إنهم ليسوا بمعصومين عن الهفوات فلا حجة في أقوالهم ولا نجاة باتباعهم إلا فيما وافق الحق مما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أكابر أصحابه وأما ما خالفوا باجتهادهم فيه الطائفة الأولى والنقل الصحيح من توليهم معاوية والترضي عنه إن صح عنهم وتعديله والتزام تأويل قبائحه فلا يلزمنا قبوله إذ لا يسوغ لمن عرف الحق اتباعهم ولا تقليدهم في شئ من ذلك وقد مرت بك الأدلة التي تشبثوا بها من الصحبة وغيرها في الشبه الأربع السابقة ومر بك أيضا بيان عدم نهوضها بمدعاهم في معارضة أدلة الفرقة الأولى في جواز لعنه ووجوب بغضه وبيان حاله للتحذير منه وقد مر في صدر هذه الرسالة ذكر كثير منها كما رأيته من عمومات الأحاديث ومن لعن كثير من الصحابة له وسبهم إياه وإعلان بغيه وفجوره وكيف يسوغ لطالب الحق أن يضرب صفحا عن تلك الأدلة القوية ويتبع ما قاله المتأخرون وهو يعرف أن لا مستند لهم فيما قالوا إلا ما مر كما صرحوا بذلك (فإن قيل) إنك معترف بأن هؤلاء لذين ذكرت أوسع منك علما وأقوى منك إدراكا وأكثر اطلاعات منك على الأدلة وأقدر منك على تأليف المقدمات واطلاع النتائج وهم أتقى لله منك فيكونون حينئذ أسرع منك إذعانا للحق وأجدر بإصابة الصواب ومع هذا فإنهم لم يذكروا ما ذكرت ولم يصرحوا به كما صرحت فما هو السبب الذي قيدهم وأطلقك وأسكتهم وأنطقك.
قلت السبب هو حرية فكري في استنباط الحق وحرية قولي في إعلانه وسجنهم أفكارهم وأقوالهم وتقييدها بقيود التقليد وغلها بأغلال الانتصار